يستمر الاحتلال الاسرائيلي للقدس الشريف وسائر فلسطين منذ عقود عديده ، ومع الاحتلال تتواصل عمليات التهويد الممنهجة لكامل التراب الفلسطيني ، وبالذات في القدس والخليل وبيت لحم ، حيث المواقع التاريخية التي تظهر عروبة هذه الحواضر الدينيه ، وهو تهويد رافقه تخاذل عربي وإسلامي مستمر عن ردع هذه الهجمة الخطيرة ، وصمت دولي مريب ، وبخاصة من جانب القوى الكبرى التي تنصب نفسها وصية على الشرق الاوسط كله .
بالتزامن مع هذا الواقع المر ، يأتى الخطر الجديد القديم هذه المرة من الشرق ، حيث الطموح المستمر منذ عقود عديدة كذلك ، للهيمنة على الشرق العربي كله ، من خلال توظيف حالة الهوان العربي المستفحل من جهه، والفتن الطائفية من جهة ثانيه ، سبيلا لبلوغ هذا الطموح المرعب ، وهو طموح يضع نصب عينيه حاضرتين لا تقدران بثمن في عالم اليوم ، وهما مكة المكرمة والمدينة النوره .
من يتتبع بدايات ومسيرة هذا الطموح المرعب ، لا بد وان يسأل نفسه السؤال المباشر ، عن المبرر الذي يدفع دولة يفترض انها دولة إسلامية صديقه ، للتدخل بالمال والاعلام والسلاح والمقاتلين والخبراء ، في كل من العراق وسورية ولبنان والبحرين وأخيرا اليمن ، فضلا عن تدخلاتها وبتفاوت في دول عربية اخرى .
الجواب عن هكذا سؤال ببساطه ، هو الاطاحة بالنظم السياسية العربية في تلك الدول تباعا ، وصولا الى دول أخرى كنتيجه ، وبالتالي إتاحة الفرص رحبة لأقليات طائفية للسيطرة على الحكم في الشرق العربي ، تحت مغريات شعار الموت لاميركا واسرائيل ، وهو الشعار الذي يستهوي مشاعر الجماهير العربية المحبطة ، والناقمة اصلا على السياسات الاميركية والغربية التي توفر التفوق لاسرائيل المحتلة لارض ومقدسات وكرامة العرب .
في ظل هذا الواقع الخطير ، جاء التدخلفي اليمن عبرالتحالف العربي الذي انعش آمال كل العرب النابهين المدركين للخطر الآتي من الشرق ، وبخاصة أولئك الذين يدركون عمق الخطر والنوايا الطامحة للهيمنة على ارض الحرمين الشريفين ، وأقامة امبراطورية كبرى على انقاض العرب ، ومن هنا ، فإن من يقاتل في اليمن اليوم ، إنما يدافع عن مكة والمدينة قبل اليمن ، فإذا ما أنهارت الجزيرة العربية لا قدر الله ، فإن الآتي سيكون تحولا تاريخيا ينهي والى الابد ، الوجود العربي الاسلامي السني برمته ، لصالح مجد إقليمي جديد قديم ، يعيش العرب اذلة تحت لوائه ، ليس في الشرق العربي وحسب ، وإنما من المحيط الى الخليج كله .
قد يرى بعض الساذجين في هذا القول مبالغة ما ، لكنها الحقيقة المرة التي بدأت إشاراتها الاولى ، مع بدايات الحرب العراقية الايرانية عام ١٩٨٠ ، وهو ما حذر منه في حينه ، الراحل الملك الحسين رحمه الله ، عندما كان يؤكد وباستمرار ، ان إنهيار العراق ، يعني إنهيار البوابة الشرقية للعالم العربي ، وبالتالي ، إنهيار النظام السياسي العربي كله ، إلى ان جاءت اميركا بسياساتها العقيمة ، وغرست اولى بذور تحقيق ذلك الذي جرى التحذير منه مرارا وتكرارا .
اميركا اليوم وفي ظل إدارتها الحاليه ، لا شأن لها كثيرا بالعرب ، ورئيسها سيواجه قريبا عواقب نهجه داخل الهيئة التشريعية الاميركية ذاتها ، عندما تتضح للعيان ، نتائج ذلك النهج العقيم الذي ينقصه الذكاء ، وأصلا متى كانت السياسات الاميركية في الشرق الاوسط تقارب الذكاء والحكمه ، وأميركا اليوم تخذل حلفاءها العرب بوضوح ، وهي وليس العرب ، من سيخسر كثيرا ، إذا ما إستمر رئيسها في نهجه المتخاذل والمتردد الذي لا يقوى فيه ، على تحمل مسؤولية قطرة دم اميركية واحده ، ويسعى لإنهاء ولايته بسلام شخصي ، مهما كانت النتائج .
التحالف العربي لا مجال امامه ألا ان يقوى وان يشتد ويتسع ، ليس من اجل اليمن وحسب ، وإنما دفاعا عن مكة والمدينة والقدس إبتداء ، ثم عن كرامة العرب التي بلغت الحضيض وبإمتياز ، وعن كل ارض العرب ، وبالذات في المشرق ، حيث تشتد المخاطر والطموحات والتمنيات ، والتحالف العربي مطالب بتحرير القدس وفلسطين ، وترتيب امور العرب في سورية والعراق ولبنان وليبيا واليمن وكل ارض عربية ، وإلا فإن ما نحذر منه آت لا محالة ساعة لا ينفع الندم ، والمملكة العربية السعودية بنهجها الجديد ، لا بد وان تحظى بتعاون عسكري شامل من كل العرب ، وهي مطالبة في المقابل ، بأن تواصل الاصطفاف الى جانب كل قضايا العرب ، وبما تملك من امكانات ، فنحن إما بصدد زمن عربي مبشر جديد أنتجه التحالف العربي ، او نحن لا سمح الله ، بصدد إستمرار الذل والهوان ، وصولا الى ما هو اسؤأ واخطر ليس على جيلنا فقط ، وإنما على أجيال عربية عديدة قادمه ، والله من وراء القصد .