البرلمان الباكستاني .. شكرا
اسعد العزوني
11-04-2015 06:18 PM
قيل لنا إن الحكمة قديما كانت يمانية، لكنه تبين لنا اليوم وفي أحلك الظروف التي تمر بها الأمة الإسلامية أن الحكمة باكستانية، وكم نحن محتاجون للحكمة والحكماء، كي نخرج من الدائرة السوداء التي فرضتها علينا أمريكا أن نقبع بداخلها، وننتظر مصيرنا الأسود بعد ذلك، لينطبق علينا قول الله سبحانه وتعالى "بأسهم بينهم شديد"، و"يخربون بيوتهم بأيديهم".
ما نحن بصدد الحديث عنه هو منعطف يعد الأخطر بعد الحرب العراقية –الإيرانية التي فرضت علينا، ودمرت كل مشترك عربي-عربي ،وإسلامي -عربي بيننا، وصرنا مثلا يضرب به لمن لا يحسن إدارة أموره، ومن أساء تقدير المواقف ، وصالح الأعداء وحارب الأصدقاء.
آخر طبعة تدميرية وجدنا أنفسنا في قلبها هي ما يطلق عليه عاصفة الحزم العربية، ضد تنظيم قبلي يمني خرج عن الشرعية لأسباب قمنا نحن العرب بتهيئتها له، من خلال التحالف معه في بداية ظهوره لمحاربة القاعدة، كما أننا نحن الذين قمنا بتغطية النذل علي عبد الله صالح وسترنا عليه حتى ظن أن اليمن بكل قبائله عبارة عن قطاريز عنده، وقد وفر من خلال هذه الممارسات 60 مليار دولار بإسمه الشخصي ، نا هيك عن أرصدة أبنائه وذويه.
بعد إنطلاق عاصفة الحزم التي كنا نتمنى أن تنطلق لتحرير فلسطين والأقصى من دنس الإحتلال الإسرائيلي البغيض - وعندها كنا سنكون جميعا من المتطوعين الأوائل فيها، لأن تحرير فلسطين هو الهم الوحيد الذي يشغل العرب والمسلمين على مر قرن كامل لكن هناك من ألغى فريضة الجهاد في مؤتمر داكار الإسلامي منتصف ثمانينيات القرن المنصرم إرضاء لأمريكا وإسرائيل، مع أنه فريضة كتبها الله علي المسلمين – سمعنا أن الباكستان ستدخل شريكا في هذه العاصفة، وعندها وضعنا أيادينا على قلوبنا ، لأننا سنجد أنفسنا مرغمين مرة أخرى على خوض حرب خاطئة ، وسيزداد الإنقسام العربي- العربي والإسلامي- الإسلامي والإسلامي- العربي ، خاصة وأننا نلفظ أنفاسنا حيث أننا دخلنا في الربع ساعة الأخير من تقسيم المنطقة إلى كانتونات إثنية وعرقية عددها 56 كانتونا ستكون كلها مربوطة في وتد بتل أبيب التي ستكون عاصمة للدولة اليهودية في "مستعمرة" إسرائيل.
وفي خضم الانشغال بمراقبة القلوب التي أخذت دقاتها بالتسارع لدخول باكستان الإسلامية النووية مسرح الصراع غير المحسوب ، وتقليب السيناريوهات المحتملة من هكذا صراع ، إذ أننا شهدنا خلال الحرب العراقية –الإيرانية بدء عمليات شطب القضية الفلسطينية، بإحتلال السفاح شارون لبيروت عام 1982 ، بعد صمودها بدفع فلسطيني- لبناني قرابة ثلاثة أشهر، على مرآى ومسمع من القومجيين الذين لوثوا الأثير بشعاراتهم القوميجة الكذابة وحبهم لفلسطين ، ولربما سيتم شطب القضية الفلسطينية نهائيا في حال تطورت عاصفة الحزم إلى مرحلة لا نريدها ولا نتمناها .
تصريحات كثيرة سمعناها وقرأناها عن موقف الباكستان ، وقيل أن الباكستان لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تعرضت العربية السعودية للعدوان خارجي ، وهذا حسن ولكن....
بعد ذلك حسم البرلمان الباكستاني الموقف وأكد وقوف الباكستان على الحياد من الأزمة في اليمن ، وهذا ما أثلج صدورنا لأن هناك من فكر بعقله – رغم الثمن المطروح – وعارض الفكرة حفاظا على العلاقات الإسلامية –الإسلامية من الإنهيار ، لأن ذلك يخدم أعداء الأمة والدين في واشنطن وتل أبيب .
المطلوب من الجميع الآن التحلي بالحكمة وإعمال العقل ، والعمل الجاد على التهدئة في اليمن ، لأن الإستمرار في الحل العسكري سيقود المنطقة وتحديدا الجزيرة العربية إلى تسريع تقسيمها حسب مشروع الشرق الأوسط الوسيع أو الكبير أو الجديد لا فرق.
وليس خافيا على أحد أن من أعطى الإشارة لتأسيس عاصفة الحزم من خارج المنطقة بطبيعة الحال وبالتحديد في واشنطن ، إنما أراد نقل المحراث الأمريكي وبالسرعة الممكنة إلى الجزيرة العربية بعد توريط الجيش المصري في سيناء وإنهاء الجيشين العراقي والسوري.