عندما يقول جواد ظريف, وزير خارجية إيران, إنه حتى ولو اتفقنا مع الولايات المتحدة على المسألة النووية فأنه ستبقى بيننا وبينها خلافات على القضايا الإقليمية وحقيقة أنه لا يوجد أكثر من هذا وضوحاً على أنَّ دولة الولي الفقيه تتصرف بالنسبة لهذه المسألة على أساس أن من حقها التدخل في الشؤون العربية الداخلية وأن من حقها أن تبسط هيمنتها على هذه المنطقة وأن تحتلها احتلالاً عسكرياً مباشراً إلى جانب احتلالها بالواسطة على غرار ما يقوم به حزب الله وما يفعله الحوثيون.
ما علاقة إيران بما يجري في اليمن حتى تبادر «فارعةً وارعةً» لإنقاذ «الحوثيين» من ضربات «عاصفة الحزم» وسفح ماء وجهها لدى عُمان وغير عُمان لضمان وقف لإطلاق النار لولا أنَّ هؤلاء «الحوثيين» مثلهم مثل حزب الله صناعة إستخبارية إيرانية ولولا أنهم أيضاً مثلهم مثل حزب الله اللبناني جيب إيراني ينفذ وعلى الفور ما يصل إليه من تعليمات وتوجهات باسم مرشد الثورة علي خامنئي.
لماذا يا تُرى لم تتحرك إيران لضمان وقف لإطلاق النار في اليمن عندما كان «الحوثيون» يحققون انتصارات مدوية وعندما سيطروا على صنعاء واختطفوا الجيش اليمني, جيش علي عبد الله صالح, وعندما فرضوا الإقامة الإجبارية على الرئيس (الشرعي) عبد ربه منصور هادي وعندما احتلوا المؤسسات والمباني والدوائر الحكومية وعندما زحفوا في اتجاه الجنوب وعاثوا فساداً وتخريباً وذبحاً في عدن ؟... لماذا الآن وبعدما مالت موازين القوى العسكرية لغير مصلحة هؤلاء «الحوثيين» يبعث علي خامنئي نائب وزير خارجيته حسين اللهيان ليستجدي وساطة العُمانيين لضمان وقفٍ لإطلاق النار؟!
نحن نعرف أن مشكلة المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة ليست المسألة «النووية» وإنما التمدد الإيراني في المنطقة العربية وهنا فإنَّ مِنْ المفترض أنه معروف بالنسبة لأصحاب القرار العرب ومن هُمْ في مواقع المسؤولية أنَّ تطلعات طهران لامتلاك السلاح النووي إنْ في عهد الشاه السابق محمد رضا بهلوي وإنْ في عهد الإمام روح الله الخميني وحتى الآن ليس دافعها القضاء على «العدو الصهيوني» وتحرير فلسطين بل فرض نفسها على هذه المنطقة كدولة عظمى قادرة على أن تفعل ما تشاء!
ألمْ يقل مستشار علي خامنئي, الذي هو علي يونسي, قبل أيام أنَّ بغداد أصبحت عاصمة الإمبراطورية الفارسية ثم ألمْ يقل غيره وقبل أيام أيضاً أن أربع عواصم عربية, بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء, باتت تدور في فلك طهران؟! هل يوجد هناك وضوح أكثر من هذا الوضوح؟!
إنَّ هذه حقائق لم تعد بحاجة لا إلى براهين ولا أدلة ولذلك فإن ما يجب أن يدركه العرب المؤلفة قلوبهم والعرب الذين يحاولون الاختباء وراء أصابع أيديهم وأيضاً العرب الذين يضعون أكفهم فوق عيونهم حتى لا يروا هذه الحقائق أن إيران المصممة على استعادة أمجاد فارس وإحياء الإمبراطورية الساسانية لا يمكن أن توفرهم حتى وإنْ هم حاولوا النأي بأنفسهم عن كل هذه الحرائق التي تجتاح المنطقة .. إنَّ هناك مثلاً يقول: لا شك أن هؤلاء يعرفونه, إنَّ من أفْطر بأخيك سيتغدَّى بك حتما! الرأي