ما سنتحدث عنه ليس مشمولا في تفاصيل الحوكمة والحكم الرشيد والمعايير التي نستغرق بها احيانا ، مع أننا نؤمن أن الاعتماد على المعايير العلمية والمنهجية جزء رئيس من عوامل النجاح والانجاز ، لكن هناك في مواصفات النجاح لأهل القرار في كل المجالات والقطاعات عناصر يعرفها اهل الخبرة بالبشر والحياة.

في مصطلحاتنا الشعبية نسمع اوصافا لأشخاص وصفات ان "فلان شيخ" او ان يقال "ابن شيوخ"، واحيانا نسمع مديحا لشخص بأنه يملك « اخلاق الملوك « وكلها عبارات تحاول القول ان في هذا الشخص صفات انعكست في اخلاقه وادارته لعلاقاته الخاصة والعامة بما فيها المسؤوليات التي يحملها في أي قطاع عام او خاص .
وفي مجال اختيار الزوجة مثلا فاننا جميعا نسمع بحديث نبوي شريف يقول :- "اياكم وخضراء الدمن" وحين سأل الصحابة الكرام الرسول عليه السلام عن معنى كلامه قال :- "المرأة الحسناء في المنبت السوء": أي لا يجب الانتباه الى الجمال فقط بل الى البيئة التي نشأت فيها صاحبة الجمال والذي تشربت من خلالها القيم والاخلاق والاصول...

القضية لا تنحصر في نسب الشخص واصله فحسب على أهمية النسب والاصل ، لكننا نتحدث عن المواصفات والقيم التي تحكمه ، وهي مهمة في العلاقات الانسانية والتجارية وفي كل شيء، لكنها تحمل مكانة خاصة اضافية لمن يتولى المواقع القيادية والمتقدمة ومصالح الناس ، فمن يحمل اخلاق « الشيوخ « كما يقال شعبيا لا يكون في مستوى ظلم من بيده امورهم وارزاقهم ، ولا يكون من اصحاب النفوس الوضيعة في تعامله مع المال العام واعراض الناس ، و لا يكون في خصومته متأمرا يظلم ويسيء ، لأن الكرام يخاصمون برجولة وليس بأخلاق الجبناء والدسائس.

من يتولى امرا من أمور الناس يحتاج الى ان يملك "اخلاق الشيوخ" في تواضعه واحترامه للناس واقدارهم مهما كانت مراتبهم الوظيفية ، وليس مطلوبا منه الحديث عن نفسه لأن الناس تتحدث عن أي انسان ابن ناس وصاحب خلق وانجاز.

الاستبانات والكتب تتحدث عن المواصفات الفنية وهي مهمة وضرورية لكن من يتولى امورا عامة تجعله صاحب قرار في ارزاق الناس او تدبير امور حياة مؤسسات ومجتمعات يحتاج ايضا الى «شبكة أمان» من الصغائر وروح الانتقام الشخصي والترفع الى مستوى يليق بالامانة التي بين يديه والمكانة التي أكرمه الله بها وثقة من اعطوه تلك المكانة.

«اخلاق الشيوخ» منظومة مواصفات نفسية واخلاقية نجدها في فئات من الناس ليس بالضرورة ان يكونوا اصحاب مكانة اجتماعية رفيعة بل اصحاب خلق رفيع وهي منظومة عندما تكون فيمن يتولى اي مسؤولية عامة تجعله اكثر قدرة على تقديم الاداء الرفيع وحسن الادارة، وبخاصة اذا ترافق هذا مع الكفاءة الفنية وليس شكليات الكفاءة والاستعراض. الرأي