كان منهمكا بتثبيت "الونش" و بمد الحبال ،بعد ان قام باغلاق الطريق.وكانت المهمة الموكلة اليه تتعلق بانقاذ آلية عسكرية انحرفت عن الطريق و استقرت في اسفل الواد .وكان الظلام يخيم على الاجواء ،واثناء قيامه بعمله مع الفريق الفني الذي يعمل بامرته،كانت هناك سيارة قادمه باتجاههم ،لم يعرها اهتمامه ،اذ افترض ان سائق السيارة سيقدر انه من الصعب تحريك "الونش" ،ولذا يتوجب عليه اما الانتظار او العودة من نفس الطريق.وما هي الا لحظات حتى ترجل سائق السيارة وتقدم باتجاه فريق الانقاذ.
وما ان بدت ملامحه لهم حتى اخذوا بالهتاف، انه الحسين،عندها هرول قائد الفريق باتجاه صاحب الجلالة وحياه بما يليق بمكانته، وقال له ؛ سيدي خلال لحظات سيتم ازاحة "الونش"لتتمكنوا من العبور بسيارتكم.فما كان من الحسين الا ان قام بالسلام على افراد فريق الانقاذ ،وسألهم ان كانوا قد تناولوا طعام العشاء ،وسمع منهم ايجاز عن مهمتهم و الى اي سلاح يتبعون،واخبرهم انه لا داعي لفتح الطريق طالما ان المهمة لم تكتمل بعد ،وودعهم عائدا من نفس الطريق .وما هي الا عدة ايام واذ بكتاب من الحسين يصل لقائد السلاح يشكر به فريق الانقاذ.
هذه واحدة من اكثر واجمل القصص التي يحلو لوالدي ترديدها على مسامعنا و مسامع اصدقائه لما يجد فيها من مآثر للهاشميين ،وفي كل مرة يرويها نشعر ان الفرح يغمر قلبه.
التحق والدي بالخدمة العسكرية في بداية الاربعينات من القرن الماضي ،وتقاعد مع نهاية الخمسينات .و بنهاية الثمانينات تعرض لنوبة قلبية ادخل على اثرها الى وحدة العناية المركزة بالمدينة الطبية، ومكث فيها لمدة شهر تقريبا ،ومنذ ذلك التاريخ و لغاية هذا اليوم(اطال الله في عمره) ادخل الى المدينة الطبية عدة مرات واجرى عدة عمليات جراحية هذا بالاضافة الى انه وطوال هذه الفترة كان و ما يزال يصرف له دواء شهري مجاني.
بلغ عمر والدي للآن ستة و ثمانون عاما ،ولقد هد المرض جسده بحيث امسى ومنذ عشرة سنوات جليس لكرسي متحرك ، ولكن هذا المرض لم يترك اي أثر على دماغ والدي ،فهو ما زال ليومنا هذا يتمتع بذهن صافي و بذاكرة يحسد عليها.
وعن قصته مع المرض يقول؛الحمد لله اولا على كل شيء.وكل الشكر لجيشنا العربي الذي تشرفت بخدمته وانا شاب وهو لم يتخلى عني عندما عجزت ،ويضيف ،اثناء خدمتي بهذه المؤسسة العسكرية العظيمة، تعلمت اكثر من مهنة ،عملت بها بعد تقاعدي بحيث وفرت لي دخل مكنّني من توفير جميع متطلبات عائلتي بما في ذلك تدريسهم الجامعي.وينهي حديثه بالدعاء و الشكر لله الذي كرمنا بأن جعل الهاشميين حكاما علينا ،فبنوا لنا وطنا و مؤسسات نفاخر بهم الدنيا ،وجعلوا منا امة لها كل الاحترام بين الامم.