الغسيل السياسي .. !
المهندس هاشم نايل المجالي
05-04-2015 01:27 PM
من الملاحظ للواقع السياسي انه في حالة من التوهان بين العديد من القوى السياسية المختلفة ومن الملاحظ ايضاً فقدان التنسيق حول استراتيجية وطنية للغة الخطاب السياسي المنسجم مع مصلحة الوطن والمواطن فكل مسؤول اصبح له لغة خاصة تعبر عن رؤيته للمشهد السياسي الداخلي والخارجي وكأننا نتعايش مع عدة حكومات متضاربة ويبدو ان الجميع قد ضل الطريق واصبح لا يوجد من يستطيع الاجابة على سؤال بأي اتجاه نحن سائرون ومن جانب آخر نرى ان غالبية تصريحات القوى السياسية خارج السلطة التنفيذية اتفقت على مبدأ اساسي وهو ان مسيرة الاصلاح السياسي والتنموي والاقتصادي والاجتماعي لم تحقق اي هدف ملموس على ارض الواقع من اهدافها حتى الان وكان من المفروض ان تفرز هذه المسيرة الاصلاحية الشاملة واقع يحقق طموحات الشعب لتحقيق اقل مستوى ثابت من المعيشة بدلاً من الانحدار المتزايد المتزامن مع ارتفاع الاسعار وضعف الاستثمار وتزايد الازمات وكثرة الاحتجاجات والاعتصامات ليصبح الطريق لدى كثير من المحللين الاقتصاديين والسياسيين مبهماً تعلوه الغيوم.
اي اننا في واقع سياسي فضفاض يفتقد الهدف والوسائل المؤدية اليه كما يغلب عليه قيم المصالح والمكتسبات الخاصة كما حصل بالتعيينات والضبابية التي تسودها ليكون التعيين حسب مبدأ المحسوبية والشللية كذلك لا مستجيب لنداءات مختلف القطاعات السياحية والصناعية وغيرها ولا تقديم لحلول لمشاكل هذه القطاعات لا بل تزيد الازمات مما ادى الى نزوح الكثير من المصانع خارج الاردن وإغلاق العديد من الفنادق وافلاس الشركات ومعاناة الجامعات التي استغنت عن الكثير من الكوادر التعليمية والادارية اي اننا عدنا لنقطة الصفر واصيب الشعب باللامبالاة من سياسة الحكومات المتعاقبة واصبح يدير نفسه ومصالحه وفق ما يراه مناسباً حتى لو اضطر الامر به الى التلاعب سواء باستهلاك الكهرباء أو بالماء وغيرها فلم يعد لديه اي خيار غير ذلك حكومات تعمل على مبدأ الجباية من دخل المواطن واصحاب المصالح المتوسطة والصغيرة اما المتنفذون فهم خط احمر لديهم قوة للدفاع عن مصالحهم لذلك تعلو اصوات المواطنين الضعفاء وتختلط المفاهيم وينقلب الصح الى خطأ وتتساقط هيبة الحكومات كل ذلك على حساب اولويات الوطن حيث تنتقل المطالب من خانة الحق المشروع الى خانة المحظورات الوطنية ليأتي البحث عن دور العقلاء والمنتمين من ابناء الوطن للحفاظ على أمن واستقرار الوطن.
ان الازمات والاحداث والمواقف تنتج سياسات ومصطلحات وفلسفات مبتكرة لدى العديد من السياسيين واصحاب الاجندات الخاصة الداخلية والخارجية من اجل الارتزاق الوطني والاستثمار في مطابخ وكولسات بعض دكاكين السياسيين المخضرمين المهمشين وبعض السفارات حيث يظهر مصطلح ومفهوم الغسيل السياسي.
كما هو الحال في مفهوم غسل الاموال وكما هو لدى المرتزقة وذلك لاعطاء الصفة الشرعية عند تدوير تلك المواقف بغض النظر عن انسجامها مع الخطاب الوطني اولا المهم انها تنسجم مع مصالحه ومكتسباته لتصبح تلك المواقف بمثابة الاستغلال والاستثمار ولتصبح مواقف نظيفة تأخذ صبغة القومية والوطنية.
تجار المواقف تلك سواء كانوا على الفضائيات او بالتغريدات والتصريحات او بقيادة الحراكات على مختلف انواعها جعلت هؤلاء يتقلبون في مواقفهم على ضوء التغيرات السريعة بالاحداث فانكشفت حقيقتهم لأن دوام الحال من المحال وهم متسلقو مواقف ومتربعو المنصات والساحات ومستثمرو القضايا الوطنية وذلك حتى لا تغيب عنهم الشمس والاضواء وليغسلوا تاريخهم المتقلب بمواقف على انها وطنية وكتجارة رابحة يحققون من خلالها المكاسب ومن اجل تسويق مشاريع سياسية للسيطرة على جموع المواطنين الذين ينسحرون بادوات وتلاعبات ذلك الساحر الذي يدعي الوطنية.