كما أن هناك تكاملاً في الإنتاج بين رأس المال والعمل ، فإن هناك تنافساً بينهما على العائد ، وفي العالم اتجاه واضح لغلبة رأس المال على العمال في مجال اقتسام كعكة الاقتصاد الوطني.
في بلد كأميركا كانت حصة الرواتب والأجور في الماضي تشكل حوالي 3ر64% من الناتج المحلي الإجمالي (1947) ، ولكنها انخفضت بالتدريج لتصبح 8ر57% في (2010) ، وستواصل الانخفاض بالرغم من ارتفاع الأجور.
منذ مدة لم ُتصدر دائرة الإحصاءات العامة جدولاً للناتج المحلي الإجمالي مبوباً على أساس مكونات القيمة المضافة ، ولكنا نقدر أن حصة الأجور والرواتب في الأردن انخفضت من 55% في السابق إلى 45% الآن وأنها في الطريق للمزيد من الانخفاض.
يعود ذلك إلى التقدم التكنولوجي والاتمته ذلك أن الصناعات تزيد اعتمادها على الوسائل الآلية: كمبيوتر ، برامج ، عامل آلي (روبوت) وكلها تدخل تحت باب رأسمال ، وبذلك أصبح إنتاج المزيد من الناتج المحلي الإجمالي ممكنأً بالاستعانة بعدد أقل من العمال.
وهنا نستذكر ما جاء به الاقتصادي الفرنسي بيكيتي في كتابه (رأس المال في القرن الحادي والعشرين) من أن العالم يتجه للمزيد من التفاوت في الدخل والثروة لأن العائد على رأس المال يفوق معدل النمو الاقتصادي العام.
هذا التطور لا يخدم الطبقة العاملة أو الطبقة الوسطى ، ولا يخدم فكرة العدالة الاجتماعية وتقليل الفوارق بين المواطنين ، ولكنه حتمية لا ُترد ، وتدل على بزوغ نظام اقتصادي عالمي جديد لا تنفع معه المعادلات التقليدية المعتادة.
هذه المشكلة ستواجه البلدان كثيفة العمال كالصين والهند ، فلم تعد الأجور المتدنية تكفي لاجتذاب المزيد من العمال ، لأن رأس المال المتمثل في الآلة والكمبيوتر والبرنامج الرقمي أقل كلفة حتى من هؤلاء العمال وأعلى إنتاجية.
الأردن من البلدان التي تستورد عمالة رخيصة ، ولكن حاجته لهذه العمالة سوف تتناقص مع التقدم التكنولوجي وخاصة في ميادين الصناعة والزراعة والإنشاءات.
توفير فرص العمل أصبحت عملية أكثر صعوبة ، وربما كان من المفيد التركيز على قطاعات الخدمات وخاصة التعليم والصحة والسياحة لأنها كانت وستظل تخلق فرص عمل كثيرة.
الكاسب الأكبر في المستقبل هو من يأتي بالأفكار. الراي