سيدي، الاردن ليس جاعداً ومهباشاً ودلة قهوة، والاردن ليس عجزًا ومديونية وقروضا..
الاردن هو عمر البلاونة، ورفاق الدرب ورفاق السلاح، عن قصة من قصص البطولة أحدثكم، عن رواية من روايات الأبطال أحدثكم، عن معجزة من معجزات الأردنيين أحدثكم، عن جباه سمر تروي للتاريخ عظمة الموقف، وانتماء الشرفاء أحدثكم، عن مواقف الرجولة أحدثكم، عن صدق الانتماء أحدثكم، عن رفاق الدرب ومستودع العشق للوطن والانسان أحدثكم، عن عمر وشجاعته والدفاع المدني أحدثكم..
في ساعات الغروب، جرف الموج صبية في عمر الورد الى أعماق البحر.. ولأن الاردن فيه عمر، وفيه فزعة الأردنيين ونخوتهم.. وفيه عزيمة لن تلين أبدا، احتضن النشمي هؤلاء الصبية في عرض البحر يصارع الموج والموت والقدر..
ليست دقائق، بل ساعات وساعات حتى طلوع الفجر، حتى تم إنقاذهم جميعا بحمد الله، نعم سرق الفاسدون أحلامنا، وسرق المخططون جيوبنا، وسرق السياسيون حكمتنا، لكن هؤلاء أعادوا إلينا الأمل بانه مثلما هناك من يسرق هناك من يعطي.. ومثلما هناك من يشفط هناك من يضحي، ومثلما هناك من يعمل بأنانية هناك من يكسر الأنانية.. ولولا هذا التوازن بين الكرامة واللؤم لما وجدنا من يلبي النداء.
جندي برتبة رقيب، استطاع أن يقدم صورة مشرقة عن الاردن، واستطاع ان يقدم درسا وطنيا في التضحية عجز عن تقديمه وزراء، واستطاع في بضع ساعات أن يعيد من هيبة الاردنيين وصبرهم وجلدهم.
نعم الاردن.. ليس "ربطات" لم يقدموا لنا إلا السياسات البالية، نعم الاردن.. ليس "مفوضين" لم يقدموا لنا إلا النظريات الفارغة، نعم الاردن.. ليس أعضاء مجالس إدارة لم يقدموا لنا إلا طابو "البيع"..
نعم.. الاردن ليس مستشارين لم يقدموا لنا سوى مطالب مكافآتهم ومياوماتهم وسفراتهم..
الاردن هو بدلة "فوتيك".. معطرة برائحة القيصوم والشيح والحندقوق، وخيوطها منسوجة من بكل ما في الدنيا من عز وكرامة.. قدمت ولاتزال تقدم أسمى معاني التضحيات. لو فعلها غيرهم، لحسبوا عرقهم بالدولار، ولحسبوا ليلتهم وكأنهم أمضوها على القمر، ولقالوا لنا كعادتهم: هااااات.. بينما هؤلاء ففي حساباتهم لا تجد إلا ان يبقى الاردن عزيزا، كريما، شامخا.
نعم أمضى ليلة في البحر كان فيها المنقذ والاب والام.. احتضنهم، داعبهم، أوصاهم.. وحين كادت الامواج ان تنهي قصة من اعظم قصص البطولة والانسانية.. شاءت الاقدار ان يتم انقاذهم جميعا ليبقوا شواهد على عظمة الاردن وتضحيات أبنائه.. بوجود هؤلاء لا نخاف أبدا.. طالما الوطن أغلى من الروح.. حماكم الله. العرب اليوم