أيتها الأرض.. صباح الورد والنرجس والفل والياسمين والريحان والنعنع والزعتر والربيع المفروش على وجهك.. صباح الشجر والنوار والثمر وسنابل الحنطة التي تزين ثوبك وخصلات شعرك..
وأحلى صباحات للبشر الذين يعيشون على أرضك.. لقد كنت براكين ااتفجرت ثم تحولت إلى أرض وماء.. من ترابك جبل (بضم الجيم) أبونا أدم وأمنا حواء.. بخيراتك وبثرواتك ننعم.. ولولا عطاءك من ماء وطعام لما عانق مخلوق وجه الشمس ولما عاش إنسان على ترابك.. فأنت أمنا الثانية الحنون التي تحتتضننا برحمها بعد رحيلنا عن الفانية..أنت الغالية لأن تراب الوطن منك..والتراب الذي إحتضن أجساد الأباء والأمهات منك.. والتراب الذي دثر أبطال الوطن وبعض الأقارب والأصدقاء منك
أيتها الفاتنة والرائعة الجمال.. انت أالكرامة والإباء.. أنت الشموخ والكبرياء.. من باطنك الذهبان الأصفر والأسود.. من أرضك الماس والياقوت والكهرمان , وعليك و من أجلك صراع الشعوب والحروب ..بجمالك يتغزل الشعراء والأدباء .. في ترابك يضرب الفلاح معوله ليزرع الغراس والبذار.. ومن باطنك نرتوي ونروي الزرع والضرع.. كم أنت متواضعة حين يمشي عليك البشر يخبطون أقدامهم بقوة على وجهك.. قائلين في أنفسهم.. يا أرض إشتدي ما عليك قدي.. متناسيين بأنهم مهما طال عمرهم سيدفنون في قلبك.. وستذوب أجسادهم وستمتزج بترابك وسيمشي عليها البشر .. إذن لنتواضع حين نطأك إحتراماً لمن سبقونا.. وعسى الذين سيمشون على التراب الذي سيضم أجسادنا يحترمونا..!
لكنني أيتها الأرض العظيمة الجالسة على كرسي الشموخ والكبرياء.. الساخرة بمن يتنازعون عليك.. وأنت تبتسمين ولا تتحركين من مكانك وهم يأتون ويذهبون إلى المجهول.. أراني اُعاتبك.. لأنك لا تعلمين كم أنت أنانية وبخيلة وقاسية.. أقول هذا، لأنك تأخذين كل الذي اعطيته.. تاخذينه إما بلحظة.. أو بعد معاناة مع مرض ما.. أو كما يقولون إنه القدر.. وأن قدر كل البشر في قلبك الذي يساوي بين الغني والفقير.. بين الملك وعامل التنظيفات.. بين الأمي والعالم.. وبين الشاعر والفاجر... بين الصادق والكاذب.. اسالك أيتها الرائعة، هل هو العدل الذي لا يطبق على وجهك يطبق في باطنك..؟
آخ منك أيتها الأرض.. إنك تجذبين نحوك كل شيء..وتشربين كُل شيء سائل يهطل على ثوبك ما عدا الدم.. فالدم وحده لا يشبعك أيتها النهمة والجشعة لأنك تريدين الدم والجسد معاً..! فاكبري أكثر.. وجودي بالعطاء والأخذ أكثر.. حقاً إنك سر من أسرار الحياة..نعيش عليك..ونعود اليك شئنا أم أبينا.!!
أتوسل اليك أيتها الأرض حين تضمين جسدي المتعب إلى صدرك بأن تكوني حنونة ودافئة كصدر وحضن أُمي لأنني أعيش قساوة وبرد الأيام..!!