ما وراء ارتفاع اسعار النفط
22-04-2008 03:00 AM
ابسط قواعد كفاءة السوق ان لا يستطيع احد اطرافه منفردا التاثير على سعر السلعة النتداولة فيه. هذه القاعدة الاقتصادية البسيطة لا تنطبق على سوق النفط العالمي. ملاحظة الدور الذي لعبته الفائدة الفيدرالية الامريكية في رفع سعر النفط دليل على ذلك. انخفاض الفائدة الامريكية و ما نتج عنه من انخفاض للدولار دفع مصدري النفط الى رفع السعر لتعويض خسارة فرق العملة. المستوردون من الجهة الاخرى لم يواجهو مشكلة في شراء النفط بسعره المرتفع حيث ان عملتهم باتت تجلب لهم مزيدا من الدولار المنخفض القيمة. هذه التاثير الكبير لسعر الفائدة الامريكية و التي يحددها البنك الفيدرالي على السعر العالمي للنفط مؤشر على عدم كفاءة سوقه و بالتالي امكانية توجيهه لمصلحة طرف معين او ضد مصلحة طرف اخر.
النمو المتعاظم للاقتصاد الصيني و ما لحق به من انضمام للصين في منظمة التجارة العالمية عام 2001 جر مزيدا من العجز على الميزان التجاري الامريكي لصالح الصين. بوادر القلق تجاه هذا العجز طفت على السطح في بدايات 2007 حيث قامت الحكومة الامريكية بفرض نوع من التعرفة الجمركية عل شريحة واسعة من المستوردات الصينية. داعما لهذه الاجراءات, طرا الارتفاع المضطرد في سعر النفط الخام ليزيد من كلف انتاج البضائع الصينية منقصا من تنافسيتها. اثر هذا الارتقاع امتد ليزيد من وتيرة الضغوط التضخمية على الصين لرفع فائدتها و باتالي قيمة عملتها و سعر صادراتها. الاثار السلبية المذكورة لارتفاع النفط على الاقتصاد الصيني و التي قد تدفع براي بعض المحللين الى تقليص العجز التجاري الامريكي تدفع الى التساؤل عن تخطيط امريكي مسبق لهذا الارتفاع.
حقيقة اخرى تستدعي الوقوف عندها لدى الحديث عن الارتفاع الطارئ لاسعار النفط هي ازمة السيولة التي عانت منها المؤسسات المالية الامريكية في الفترة نفسها. ازمة قروض المنازل في الولايات المتحدة و ما نتج عنها من تعثر لقروض بمليارات الدولارات ادت الى ضيق في سيولة البنوك كما الى افلاس بعضها. الازمة لم تتوقف عند هذه النقطة بل تحولت الى ازمة ثقة بين البنوك مانعة اياها من اقراض بعضها البعض. الملفت للنظر هنا ان حل ازمة السيولة هذه لم يكن فقط من داخل الولايات المتحدة بل و من خارجها و بالاخص من الدول المصدرة للنفط. الارتفاع الذي طرا على اسعار النفط نتج عنه فائض ضخم في موازنات الدول المصدرة و هي بالغالب دول نامية غير قادرة علي استثمار هذا الفائض. بالتالي كان ملجا هذه الدول لتحقيق عائد عليه هو البنوك الامريكية حيث بلغت الاموال المودعة في خزائنها نتيجة لبيع النفط مرتفع السعر 69 مليار دولار عام 2007. هذا المبلغ من الودائع اسهم ايجابا في حل ازمة سيولة البنوك الامريكية.
علمية الاستنتاج و موضوعيته تمنع من الجزم بان ارتفاع اسعار النفط كان بسابق تخطيط من الولايات المتحدة او بدافع حماية مصالحها. الممكن استنتاجه من الحقائق المدرجة سابقا هو كون هذا الارتفاع اسهم ايجابا في حل مشكلة العجز التجاري و السيولة البنكية الامريكة.اضافة الى ذلك يمكن الاستنتاج ان للولايات المتحدة دور في تحديد اسعار النفط كاكبر قوة سياسية و اقتصادية عالمية. التساؤل هنا : هل استخدمت امريكا فعلا هذه القدرة لتحقيق مصالحها؟ الجواب لك اخي القارئ.....................