في غمرة الانشغال العام بلقمة العيش ومواجهة \"غول\" ارتفاع الأسعار، تكبر الخشية هذه الأيام في الأحاديث الرسمية والشعبية من استغلال \"طيور الظلام\" لهذه الحالة وتفجير الشارع، بما يخدم مصلحة \"المحافظين الجدد\" الذين ثبت بالوجه القاطع أنهم خلف ما يحدث في العالم من نضوب في الغذاء.
وقلنا قبل أيام، إن هذا الارتفاع المجنون للأسعار ليس قضية عرض وطلب وإنما مخطط عالمي هدفه تجويع الشعوب العربية والإسلامية النابضة بالدفاع عن حق الفلسطينيين بتحرير أرضهم والعراقيين باستقلالهم واللبنانيين بهداة بالهم والسودانيين بوحدة وطنهم.
ولان قوة السلاح التي أدمت قلب الإنسانية العالمية في المنطقة فشلت في حفظ امن \"إسرائيل\" وإقامة الدولة اليهودية الخالصة على فلسطين التاريخية، يبرز غلاء الأسعار العالمي كواحد من آخر مراحل مخطط \"الفوضى الخلاقة\" الذي ابتكرته الإدارة الأمريكية الحالية ونفذته في أول يوم قررت فيه غزو العراق بإثارة الفتن بين أبناء الشعب الواحد.
ما يجري من مصادمات في دول شقيقة بين حكوماتها وبين شعوبها ليس إلا ترجمة لهذا الجنون الذي خرق حاجز العرض والطلب واقترب من حاجز الخطر الهادف إلى \"نهنهة الأمة\" بهدف الاستسلام للأمر الواقع.
فالقصة لم تعد فسادا محليا تقاس شعبية الحكومات بمدى مكافحته بل هو فساد عالمي تحاول الأمم المتحدة التصدي له بعد إطلاقها إنذارا متأخرا من أن نضوبا في الغذاء بدأ يجتاح العالم بسبب استخدام الولايات المتحدة منتجاتها من الحبوب كالذرة في إنتاج الطاقة الحيوية، قالت انه السبب في الارتفاع غير المسبوق على الأسعار.
ولان الأردن جزء من هذا العالم وهدف صهيوني ليكون وطنا بديلا للفلسطينيين فان طيور الظلام تحاول الاقتراب من حدوده للوصول الى ذلك الصدام بين الرسمي وبين الشعبي تحت مسمى \"توفير لقمة الخبز\".
صحيح أن الإجراءات الحكومية التي اتخذت لحماية \"خبز وقوت\" الأردنيين قد لا تكون مقنعة شعبيا ولكنها محاولة لإحباط \"عدوان\" من نوع جديد هدفه إطفاء النور الذي أضاءه الأردن لنصرة قضايا أمته العربية والإسلامية.
لا ننكر بان ملاحقة الفاسدين ومحاصرتهم في بلادنا واحد من أسلحة المواجهة الإستراتيجية في هذه المعركة الاقتصادية السياسية، ولكن السلاح الأهم في حسم هذه المواجهة يكمن في تجاهل دعوات \"طيور الظلام\" المشبوهة التي أبهرتنا دوما في ظاهرها وكانت السبب فيما نحن به الآن.