باتجاه سحب السفير من طهران
26-03-2015 01:22 PM
عندما توجه وزير الخارجية السيد ناصر جودة فجأة الى طهران الاسبوع الماضي انتشرت في وسائل الاعلام الاردنية والعربية تأويلات عن سر الانفتاح الاردني المفاجئ باتجاه طهران, وتعدى الامر الى وصف الزيارة (بالتقارب) الاردني الايراني وتم تفسيره على انه بداية اعتراف عربي بالدور الاقليمي الايراني وتساءل آخرون عما اذا كان (التقارب) الاردني مع ايران يجري من وراء ظهر دول الخليج!
وفي لقاء بين جودة وعدد من النواب رفض الوزير تسمية زيارته الى ايران (بالتقارب معها) وعقب بان زيارته تأتي من باب (قناة اتصال). علما أن قناة الاتصال لاتكون بزيارة وزير خارجية فجأة وانما من خلال السفراء أو الاتصال الهاتفي؟
وكالعادة فان الخارجية الاردنية تعطي دائما اجابات عمومية بجمل انشائية، الا أن الاحداث اللاحقة أوضحت الان أن زيارة جودة لم تكن الا لنقل القلق العربي من الدور والتدخل الايراني المتسارع في اليمن والتحذير مما ستؤول اليه الامور اذا لم تستجب الاطراف اليمنية للمبادرة الخليجية للحوار.
بمقابل الابتسامات والتصريحات الايرانية المرحبة بزيارة وزير الخارجية الاردني استمرت ايران وبتسارع بالعمل على حسم الوضع على الارض في اليمن لصالح حليفها الحوثي في حركة استراتيجية بالغة الخطورة للسيطرة على معبر البحر الاحمر باتجاه قناة السويس، ولم تتنبه القيادة الايرانية الى التحذير المصري من أن (باب المندب خط أحمر) بالنسبة لمصر.
ومن المعلوم منذ أيام أن وزراء الخارجية العرب سيجتمعون اليوم الخميس في شرم الشيخ للتحضير للقمة العربية ولبحث طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بالتدخل العسكري الفوري لردع الانقلابيين الحوثيين، الا اننا فوجئنا ببدء العمليات العسكرية السعودية ضد الحوثيين دون انتظار اجتماع وزراء الخارجية الامر الذي يشير الى أن ايران حرّكت الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح بسرعة باتجاه عدن لحسم الوضع على الارض قبل القمة العربية وفرض الامر الواقع، وبالفعل كانت عدن على وشك السقوط بعد سيطرة قوات علي عبد الله صالح على مطار عدن.
المشاركة العربية الواسعة في عملية (عاصفة الحزم) رسالة واضحة الى ايران بأن العرب لم يفقدوا القرار الاستراتيجي وأن الامن القومي العربي ما زال خطا أحمر بمواجهة الطموحات الايرانية الا أن الرمزية التي لفتت الانظار ومشاركة جناحي العالم الاسلامي في العملية، المغرب وباكستان، ولا نستبعد أن تعلن ماليزيا أو أندونيسيا رغبتها في المشاركة في العمليات العسكرية.
يبدو أن الخارجية السعودية تحركت بكثافة وهدوء في الاسابيع الاخيرة وانها عبر الاردن وغيره من الاطراف أرسلت إشارات متعددة الى القيادة الايرانية تحذرها من محاولات السيطرة على اليمن الا أن الايرانيين ركبوا رؤوسهم وأعتقدوا أن حاجة الغرب الى اتفاق على الملف النووي الايراني سيجعلهم يغضون الطرف عن التمدد في اليمن والعراق وبالتالي سيكون الطرف العربي ضعيفا وعاجزا عن المواجهة فواصلوا الاستفزازات عبر تصريحات جنرالات الحرس الثوري وواصلوا التحرك لدعم الحوثيين عبر جسر جوي وبحري، فكان أن وجد مجلس التعاون وحلفاؤه العرب أنفسهم أمام مفصل تاريخي فاما القرار الحازم وامتلاك الارادة واما أن يصبح العرب نهبا لأطماع الطامعين.
الامور مرشحة للتطور السريع في الايام القادمة، وفي إشارة لافتة أعلن السودان إغلاق كافة الممثليات الايرانية على أراضيه، وبانتظار رد الفعل الايراني على عملية عاصفة الحزم فان البعثات الدبلوماسية العربية في طهران اما أن تحزم حقائبها واما تبقى، وعلى الارجح فان عددا منها سيحزم حقائبه ويعود الى بلاده.
العلاقات الاردنية مع طهران ضرب من العبث فطهران ماضية في سياسة التوسع والهيمنة وخلط الاوراق ولن تغير مجاملات وزيرنا من سياسة الايرانيين شيئا، ولا مصلحة لنا في تعاون اقتصادي ولا قنوات سياسية مؤثرة، والسياسات العدوانية الايرانية ضد المملكة العربية السعودية تؤثر جوهريا في أمننا الوطني فلم لا نرسل رسالة قوية الى الايرانيين بسحب سفيرنا من طهران لعل وعسى أن تفهم المرجعيات الايرانية أنها تخسر العالم الاسلامي ان لم تكف عن التدخل في شؤون الجوار.