برغم ان ايران تُشكّل اللاعب الاول في المنطقة والاقليم، وقد تجاوز دورها وتأثيرها دور اسرائيل، إلّا أن السياسيين والعسكريين الايرانيين يحاولون أن يعيدوا لعبة التصريحات المتناقضة، ونفيها، بحيث يطلق أحدهم تصريحا، ليأتي آخر ينفيه، أو يفسره على طريقته الخاصة.
هذا النمط من اللعب السياسي، ساذج، وقد جُرّب كثيرا في المراحل الماضية، وجربته قوى ثورية، لكنه كان يعود بالضرر على مصالح تلك الجهات العامة.
في السياسي العام؛ الحوار الايراني الاميركي منطلق على سكة باتت نهاياتها قريبة، وما يصدر من السياسيين الاميركيين والايرانيين يُظهر ان توقيع الاتفاق بات قاب قوسين أو أدنى، وهو توقيع في المحصلة سوف ينعكس على ملفات المنطقة الساخنة، لهذا فالتصريحات الايرانية تأتي في هذا الباب، باستفزاز غير مفهوم سياسيا.
آخر هذه التصريحات ما نقل عن لسان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، المتعلقة بدول في الإقليم بينها الأردن، قال فيها: "إن بلاده حاضرة في لبنان والعراق، وإن هذين البلدين يخضعان بشكل أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها"، وأن "إيران بإمكانها التحكّم في الثورات العربية لتوجهها نحو العدو، وأن هذه الإمكانية متوافرة في الأردن"..
قائد من وزن سليماني تقول المعلومات انه يقود الآن معارك تكريت، لا يمكن ان يطلق تصريحات على عواهنها، وهو بكل تأكيد يرغب في إثارة معارك أخرى في مواقع ثانية، حتى يبعد النظر عن عمله العسكري في العراق، والشبهة الطائفية عنه.
اذا كانت تصريحاته عن لبنان والعراق دقيقة، وايران فعلا حاضرة ومؤثرة ومقررة، فهو يعرف جيدا ألّا وجود له في الاردن، إلّا عبر البوابة الرسمية، التي تحددها السياسة الرسمية الاردنية، أمّا عن التحكم بالثورات وحركة الشارع، فالمدافعون عن السياسة الايرانية في العلن، على الاقل، لا يتجاوزون أصابع اليدين.
طبعًا؛ نفي هذه التصريحات من جهات دبلوماسية ايرانية ـــ بعد أن أشعلت ردود فعل واسعة، لا زالت، وسوف تستمر في الايام المقبلة ــ لا يقلل من اهمية التصريحات وخطورتها وتداعياتها، مثلما اشعلت قبل اسبوع تصريحات نقلت عن لسان علي يونسي مستشار الرئيس الايراني بأن بغداد عاصمة الامبراطورية الايرانية، ما دفع النائب خليل عطية الى توجيه سؤال برلماني الى الحكومة حول موقفها من هذه التصريحات، وما زال ينتظر الجواب.
لعبة التصريحات لعبة خطرة، قد تعود على اصحابها بالضرر البالغ، لكنها تكشف ايضا عن صراع قوى داخل ايران، وهذا الصراع موجود، مهما حاولت السياسة الايرانية انكاره.
على نحو اكثر من ساعتين، حاولت "العرب اليوم" بحوار في عقر دار السفارة الايرانية ان تُخرج شيئا من سفيرها في عمان مجتبى فردوسي، إلّا ان كلماته كانت توزن بميزان الذهــــب، ولم يخــــطئ في حرف او يخرج عن الاعراف الدبلوماسية، لا بل كان ايجابيا، ويأمل بعلاقات نوعية مع الاردن. العرب اليوم