الجغرافيا الداخلية لأي بلد او مجتمع تتغير بحكم عوامل عديدة، ونحن بالاردن جزء من هذا العالم الذي يخضع للتغيير الطبيعي ، او للتغيير الذي تفرضه المتغيرات الطارئة، وتزداد سرعة التغيير مع دخول أي دولة مرحلة جديدة او احداثا صاخبة كبيرة.
لن ابدأ بتأثيرات ازمات المحيط المباشرة بل مع عوامل اخرى ، فمثلا لدينا خارطة الاعلام الاردني الموزع بين القطاع العام والخاص او الاعلام شبه الرسمي، والتغيير يتم منذ سنوات لكننا اليوم امام ظهور المعطيات الجديدة ، فهناك عملية احلال لأدوار وتأثير العديد من وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء ، وهنالك انسحاب لبعض وسائل الاعلام من بعض او أغلب ادوارها او حضورها لدى الناس ، وهناك عناوين لوسائل الاعلام اختفت وعندما عادت لم يشعر الجمهور بعودتها ، وهنالك عناوين مرشحة للغياب ، واخرى باقية لكن شمسها تغيب من نفوس الناس ومصالحهم ، وربما لن تأتي سنة أو سنتان الا وسنكون مع خارطة جديدة للاعلام ، والسبب الاهم ليس ظهور الاعلام الالكتروني فقط بل تزايد المشكلات وعدم وجود الرغبة أو القدرة على حلها.
وحتى على صعيد الاحزاب والشارع والانتخابات فان ساحتنا التي كان يصفها البعض بأنها ساحة التنظيم شبه الوحيد وهم الاخوان المسلمون ، لكن ما يجري داخل الجماعة خلال العامين الاخيرين صنع خارطة اخوانية جديدة ، لكن الأهم انه سيغير من خارطة الحياة الحزبية والانتخابية الاردنية ولو بشكل متدرج ، علما بأن الناس والدولة والاحزاب اعتادوا على غياب الاخوان المسلمين عن مواسم الانتخابات منذ خمس سنوات أي منذ انتخابات عام 2010 ، وكان التمرين الاول بالذخيرة الحية للغياب عام 1997 ، وسنجد في مواسم الانتخابات القادمة وحتى الحكومة حضورا للاخوان المسلمين باطارهم الجديد.
وحتى على صعيد خارطة الاشخاص في الصفوف الاولى في قيادة مؤسسات الدولة ، فقد شهدنا في العقد الماضي ظهور شخصيات وأشخاص من جيل جديد ، لكن سلسلة المعارك السياسية التي شهدتها المؤسسات ثم الربيع العربي اعادت الى الواجهة الجيل السابق الذي يتولى المواقع الاولى في المؤسسات الدستورية خلال السنوات الخمس الاخيرة .
وفي ساحتنا خرائط جديدة لأولويات الناس ونوعية المشكلات وطرق التفكير واليات استخدام التكنولوجيا الحديثة من وسائل تواصل اجتماعي وغيرها ، لكن اللافت ان المرحلة الاخيرة كشفت بشكل لا يقبل الجدل عن المكانة الرفيعة لدى الاردنيين لمفهوم الدولة والهوية الوطنية الاردنية والقيم التي كان البعض يعتقد انها مرتبطة بالاجيال السابقة.
وحتى اجرة البيوت واسعارها لها خارطة جديدة ، وموقع الوظيفة العامة وكلفتها على من يتولاها تغيرت ، وكما اشرت فجزء من التغيير طبيعي لكن اجزاء اخرى جاءت بسرعة فرضتها المستجدات غير المحسوبة. الرأي