في خبر عمون أن رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي ، بادر الى تطييب خاطر طيب الذكر صافي الكساسبه ، أثر إنسحابه من الحفل الذي أقامته مشكورة أمانة عمان الكبرى ، تكريما لأمهات الشهداء ، في يوم عيد الأم .
الرفاعي قبل رأس صافي والد الشهيد معاذ تطييبا لخاطره ، بعد ان آثر عدم الاستماع الى ألغناء ليتنحى جانبا في مكتب مجاور ، فما كان منه إلا أن قدر الموقف بالشهامة الاردنية المألوفة ، ليبادر من فوره الى تقديم عباءته الى الرفاعي ، مؤكدا انه ليس غاضبا ، وإنما فقط لم يرغب بالاستماع الى الغناء .
هذا موقف صادق أصيل ، يجب ان نتوقف عنده جميعا ، موقف يعبر بصدق لا رياء ولا نفاق فيه ابدا ، عن معدن وأخلاق شعبنا العربي الاردني الواحد ، فنحن أمام رجلين كبيرين في حضورهما الانساني ، سمير وصافي وصافي وسمير معا ، الاول عرف كيف يعالج الموقف إزاء رجل شهم مكلوم بولده الغالي ، والثاني تصرف عفويا بما هو عليه من خلق اردني راق صادق وأصيل .
تلك هي أخلاق الاردنيين كافة بلا إستثناء ، والاردني تطيب خاطره بكلمة معبرة او موقف معبر ، يستجيب فورا ، لا بل يمنحك فرسه او عباءته او بندقيته ، وقد تجرح مشاعره بكلمة او موقف ، يستجيب فورا ، ويشهر سلاحه في وجهك ، وهما خصلتان فطريتان لا تزلف او كذب فيهما ، وهما اعظم دليل ابلج على نقاء سريرة هذا الشعب ، وصفاء نياته ، وهو بالتالي شعب تملك ان تأمن جانبه تماما ، ما دام يحظى بالاحترام والتقدير مهما قست ظروف الحياة وشؤونها ، فهو شعب ليس صاحب نخوة وحسب ، وإنما جذر النخوة اساسا متأصل في كيانه ووجوده وحضوره .
نعم كبيران هما ، سمير وصافي وصافي وسمير ، فلقد جسدا معا ، واقعة إنسانية أردنية حضارية نبيلة بكل ما في اللفظ من معنى ، واقعة تحمل في طياتها من المعاني السياسية والاجتماعية والانسانية التى تصلح درسا معمقا لكل مخطط او صاحب قرار ، فهذا البلد وهذا الشعب ، اكبر واسمى بكثير مما يمكن للمرء ان يتصور ، ونحن بإزاء شعب إن إنتخيت به تجده ، وإن جارت الايام وتجسدت التحديات ، ايضا تجده وبلا تردد ، هو شعب من يحترمه ويجيد التعامل معه وفق مكنون سماته وصفاته وأخلاقه ، يجده دوما ، وفي ابهى واصدق واروع صورة تتحدى التحدي مهما كان ، وتنتصر على الصعب والخصم مهما وأنى كان .
تشكر أمانة عمان الكبرى وأمينها المخلص المحترم عقل بلتاجي، على مبادرتها بإقامة الحفل تكريما لأمهات شهدائنا البرره ، ويشكر الرفاعي على حسن التصرف المقدر ، ويشكر الكساسبه على ردة فعله الاصيلة المقدره ، ويقينا فإن تقبيل الرفاعي لرأس الرجل الشهم الذي نحترم ونجل ، ومبادرته بإلباس الرفاعي عباءته عباءة الشهادة والعز ، محطة فخر لكل أردني يعشق تراب الوطن ، ويرى فيه ، وطن الاحرار الذين ما هانوا ولا خانوا ولا غدروا ابدا ابدا ، وإنما ظلوا وما زالوا ويبقون ابد الدهر ، شامة عز وفخر ورجولة وتجرد وأنفه ، في جبين المنطقة والاقليم والعروبة والدين ، وجزاؤهم خيرا من عند واحد احد لا نعبد سواه . المجد للاردن وللاردنيين جميعا من كل المشارب والاطياف ، ولشهيدنا الغالي معاذ ، ولوالدمعاذ والصابرة أم معاذ ، واسرته كافه ، وكرك العز كافه ، وعناية الله جل في علاه معنا بإذنه سبحانه ، وشكرا ابا زيد ، شكرا ابا جواد ، ودعاء الى الله ان يحفظ بلدنا مهما ضنت الظروف وتكالبت الشرور وعز العون من كل البشر ، بريادة وقيادة آل البيت الاخيار ، وعميد الديرة الملك الشجاع ، عبدالله الثاني بن الحسين ، والله من وراء القصد .