لهذه الاسباب .. لن نركع .. فنعم لمفاعل نووي في الاردن
الدكتور ثابت المومني
22-03-2015 04:24 PM
لا اعرف ما هو مصدر كل تلك الارهاصات المعارضة لانشاء مفاعل نووي في الاردن ، فبعض الرافضين يرفضون هذا المشروع لاسباب تتعلق بالامن والسلامة والبيئة والبعض الاخر يرفض هذا المشروع بسبب ارتباطه بعلاقات مع ال صهيون كما يدعون والبعض الاخر يرفضه لانه يريد ان يرفضه - اي انه غايب طوشة - والبعض القليل يرفضه لانه تعود على معارضة الحكومة كيفما كانت.
انا لا اطبل لحكومة ولم اتعود ان ازمر واهلل لها ، لكن الحكومة واي حكومة تفعل ما هو خير للوطن فسانحني اليها واذا ما وجدت غير ذلك فساعارضها في سياستها الاقتصادية او التعليمية او السياسية او اي سياسة خاطئة كانت ولو جزت رقبتي.
المسالة ليس معارضة حكومة او موالاتها ، فالاصل في المعارضة او الموالاة يجب ان يكون مصلحة الوطن وليس لحسابات اخرى.
في موضوع الطاقة النووية ارى بان قطاع كبير من المعارضين لا يعلمون حقيقة وضعنا المائي رغم معرفتم المتوضعة عن وضع الطاقة في الاردن، فوضعنا المائي جد خطير حتى وبدون وجود هجرات قسرية كالهجرة السورية الاخيرة وما سبقها من هجرات منذ نشأة المملكة الاردنية الهاشمية. لقد كانت هذه الهجرات سببا في تعثر كل خططنا التنموية الخمسية والعشرية وغيرها وستبقى هذه الهجرات عثرة مستدامة في طريق تنميتنا وعلى كافة الاصعدة. لقد كان نصيب الفرد الاردني عند الاستقلال حوالي 4200- 4600 متر مكعب في السنة ليصل اليوم ومع وجود الديسي الى اقل من 150 متر مكعب للفرد الواحد وهذه النسبة تعتبر الاقل على مستوى العالم. هذا الوضع المائي المتردي لا يشجع نحو خلق بيئة تنموية مستدامة ، لا بل يجعل من الاردن بيئة طاردة للاستثمارات ولو توفرت الاموال والبنية التحتية. ان توفر الماء والطاقة شيئان اساسيان لتطور اي امة وبغير توفر المياه لن تفلح الامم في حياة او تطور اقتصادي او اجتماعي او حضاري كما قال تعالي " وجعلنا من الماء كل شي حي" صدق الله العظيم. ان مصادرنا المائية في الاردن جد محدودة وهي بالكاد تكفي لسكان الوطن بدون هجرات قسرية فكيف بنا نواجة ازدياد طبيعي وغير طبيعي في السكان لا سيما ونحن نعيش في وسط مضطرب من الاحداث وان امكانية هجرات لاناس واقوام ليست ببعيدة!!!. ان معارضة مشروع الطاقة النووية هو امر مشروع وحيوي لمن اراد المعارضة ، ولكن كم كنت اتمنى ان تكون هذه المعارضة مبنية على واقع وليس على اخبار واعلام وتقارير من هنا وهناك قد تكون غير دقيقة وغير واقعية ربما. ان واقع الحال في الاردن يقول باننا امام كارثة حقيقية قبل حلول عام 2024 اذا لم نبادر بانشاء مشروع مائي عملاق يفي باحتياجاتنا المائية لعقود قادمة . ان هذه المشاريع العملاقة هي الديسي وناقل البحرين والطاقة النووية ، وانني لأكاد اجزم بان مشروع الديسي سيحل مشكلة نقص المياه بشكل نسبي وليس حاسم حتى عام 2020-2023 وبعد ذلك ستعود اوضاعنا المائية الى اسوا مما كان عليه الوضع قبل الديسي. ومن هنا فانه يتوجب علينا ان نفكر في مشروع عملاق جديد يحقق لنا كميات من المياه تكفي لسد العجز مع زيادة السكان متوازيا مع التقدم الحضاري والصناعي والاقتصادي بشكل عام. اننا في الاردن امام خمسة خيارات رئيسية اسهلها خامسها ان وجدت الارادة: الاول هو الشروع بانشاء ناقل البحرين مهما كلفت الامور لا سيما وان تكلفة هذا المشروع قد تتجاوز 12 مليارا لاجل توفير حوالي 500-530 مليون متر مكعب من المياه قد تكفي الاردن لغاية عام 2045-2050. المشروع الثاني هو الحصول على ما نحتاجه من المياه من خلال الطاقة النووية ، فهذا المشروع ورغم ما يلقاه من معارضة شديدة من البعض الا انني اعتقد باننا في الاردن سنضطر ولو بعد حين الى القبول بهذا الخيار حتى ولو قمنا بتنفيذ ناقل البحرين.
الحل الثالث يمكن بالتوسع في استغلال الطاقة المتجددة النظيفة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية رغم كل المعوقات التي سنواجهها من الناحيتين المادية والاجرائية. الحل الرابع ويكمن في استخراج النفط من الصخر الزيتي لاجل الحصول على الطاقة اللازمة لتحلية المياه عضوا عن تحليتها باستخدام الطاقة النووية ولكن هذا المشروع سيواجه عقبات جمه اولها عدم توفر الطاقة في بدايات عمليات التشغيل قبل الانتاج اضافة لصعوبات فنية وتكنولوجية وبيئية اخرى. اما الحل الخامس فيمكن بادراة متكاملة لمصادرنا المائية من خلال استغلال امثل لمواردنا الحالية وحسن ادراتها حيث تشير دراسات على انه يمكننا توفير اكثر من 300 مليون متر مكعب من المياه من خلال تحسين قطاع الصرف الصحي والتوسعة في انشاء محطات المعالجة كما ونوعا كما ان عملية ناجحة لحصاد مائي من خلال بناء السدود والحفائر وابار الجمع سيكون حلا مؤقتا لمشكلتنا المائية في العقود القادمة. واذا ما اردنا ان نحسن ادراة مواردنا المائية فيحب علينا ان نحسن ادارة الطلب والاستهلاك لها فلا يعقل ان يستهلك القطاع الزراعي 68%-72% من موازنتنا المائية مقابل دخل لا يزيد عن 4% من الدخل القومي حسب قراءة صندوق النقد الدولي. خلاصة القول باننا سنظطر يوما الى اللجوء الى الطاقة النووية لاجل الحصول على الطاقة والمياه وبغير ذلك ستكون خياراتنا صعبة قد تمس استقلالنا. لهذا فانني اوجه كلماتي لكل اولئك المعارضين لمشروع الطاقة النووية وخصوصا النائب هند الفايز ان يأتوا بالبديل قبل ان ياتي اليوم لنجد انفسنا مضطرين لاسيتراد المياه من اسرائيل من خلال طبريا او استيرادها من تركيا عبر العراق او عبر لبنان واسرائيل وسوريا.
واذا ما وصلنا الى هذه المرحلة فانني اقول بانه لن يبقى الاردن اردنا كما هو اليوم حيث سنظطر للركوع لمن هم اقل من شانا وقيمة ومكانة لاجل الحصول على الماء وهذا الامر سجعلني اقول باننا في هذا الوطن لن نقبل بان يكون صنبور مياهنا خارج حدودنا واذا اردنا تحقيق هذه الغاية فانه يتعين علينا حسن ادارة منا لازمتي الطاقة والمياه وكفى. د.ثابت المومني – متخصص في ادارة موارد المياه في الاردن