الشباب في المناطق النائية .. مسؤولية من !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
21-03-2015 02:47 PM
قيل ان التتار عندما ارادوا غزو المسلمين ارسلوا وافدهم الى العراق يختبر احوال الناس فوجد صبياً يبكي فسأله عن سبب البكاء فقال الصبي اردت ان اصطاد عصفورين بحجر واحد فلم استطع اصطياد احدهما فقط حينها قرروا ان يغزوهم فكرياً اولاً بنشر الرذيلة والافتنان بالأموال والنساء وتفسيخ المجتمع وبعد فترة زمنية ارسلوا وافدهم لينظر هل آتى الغزو الفكري ثماره ليتبعوه بالغزو العسكري فوجد شابا عند بئر ماء يبكي فسأله عن سبب بكائه فقال خاتم محبوبتي سقط في هذا البئر حينها قرروا الغزو . ( الغزو الفكري والعسكري في حاضرنا أخذ اشكال وابعاد متعددة ومتنوعة كما نلحظه في العديد من المجتمعات للعديد من الدول).
كلنا يعرف ويعلم ان ارتفاع الأمم وهبوطها وبقاءها واندثارها يرتبط ارتباطا كبيرا بعمل ابنائها وتطلعاتهم واهتمامهم فلن ترقى امة بميل شبابها الى الراحة والسكون وكلنا يعرف ان الاعتماد على العمل الوظيفي الحكومي لم يعد له جدوى لا من حيث الراتب ولا من حيث العطاء فتخمة الموظفين زائدة عن الحد المقرر ولن يضيف العمل الحكومي حالياً للشباب اية قيمة اضافية بالإنتاج والتطوير واصبح بحث عن راتب بدون انتاج وبدون كد وتعب يريدون عائد مالي يحقق ويوفر متطلبات ادنى مستويات المعيشة في ظل ارتفاع ملموس لكافة متطلبات المعيشة من مواد تموينية وخدمات وكهرباء وغيرها وسياسات الدولة لم تقدم اية برامج ميدانية عملية او انتاجية او مساهمات ومشاركات مع القطاع الأهلي أو القطاع الخاص لاستغلال الكوادر الوظيفية الفائضة عن الحاجة معهم بالعمل والانتاج لا بل ضيقت الخناق على ذلك .
ان العمل في الاسلام يحظى بمنزلة خاصة واحترام عظيم يجب ان تقدره الجهات المعنية قال رسول الله (ص) (( ان قامت الساعة وبيد احدكم فسيلة فان استطاع ان لا يقوم حتى يغرسها فليفعل )) رواه احمد والفسيل صغير النخل مما يعني ذلك ان العمل مطلوب لذاته وعلى شبابنا فرداً او جماعة ان يبحث عن فرص العمل لينتج في اي مجال زراعة صناعة تجارة وغيرها حتى تنفذ آخر نقطة زيت في سراج الحياة فهذه قمة الايجابية والانتماء فالعمل الصالح في حد ذاته عبادة قال تعالى (( هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور )) سورة الملك .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقعدن احدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني فقد علمتم ان السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة . ان تنمية روح العمل لدى الشباب تبدأ من الاسرة التي يجب ان تشجعه للعمل التطوعي والجماعي الاسري والمجتمعي منذ نشأته واوقات فراغه والتي تحقق برامج خدماتية وانتاجية هادفة ومنتجة وتوعية وارشاد تزرع فيه الفكر الواعي ضد كل الآفات وتشجعه على العمل بشتى انواعه لمسح اي نوع من انواع ثقافة العيب من مخيلته وتفكيره خاصة في ظل ما توفره التكنولوجيا الحديثة من الهاء وغسل فكري سلبي واستهلاك امكانيات مادية بطريقة مباشرة او غير مباشرة سببّت في انحراف وانجراف العديد من شبابنا في ظل غياب لدور الجهات المعنية رسمية واهلية ان المهارات التي يكسبها الشباب المشارك في العمل الجماعي والتطوعي يبرز الجوانب القيادية والادارية والفكرية والابداع في الشخصية ويسهم في بناء الثقة بالنفس والجراءة وحسن التصرف واسلوب التعامل والتعرف على مجتمعه واهله ويسهم في تنمية المهارات الذاتية ومهارات التواصل مع الآخرين وادارة الوقت والذات وبناء الشخصية الوطنية والقدرة على اتخاذ القرار بالاضافة الى تنمية وتطوير المجتمع محلياً وتحقيق الديمقراطية التشاركية وكما نجد ان هناك عزوف كبير ونقص في المتطوعين عن المشاركة في الجمعيات المختلفة خيرية وتعاونية وثقافية بل اصبح بعضها يستغل من قبل المتنفذين للانتخابات النيابية والبلدية فقط في اوقات محدودة ولقد اقتصر الدعم المالي على جمعيات محدودة لا تستطيع ان تقدم وان تتواصل مع كافة الجمعيات في المناطق المختلفة من المملكة في ظل غياب واضح للاتحاد العام للجمعيات الخيرية الرئيسي وفروعه في المحافظات بسبب الصراع الذي يواجهه مع بعض رؤساء الجمعيات الطامحين لقيادته كذلك في ظل غياب لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات الكبرى في المحافظات في رسم استراتيجية عمل وعطاء وخدمة وانتاج للجمعيات المحيطة بعملها واقتصر دعمها على بعض الجهات التي يؤمن لها بروز اعلامي وليس دور وطني حقيقي كذلك المنظمات الدولية التي اقتصر عملها مع بعض الجهات الرسمية والاهلية في غياب واضح مع التواصل الميداني مع الجمعيات في الميدان لتحظى عمان بحصة الأسد والفتات لبقية المحافظات على نقيض الدول المتحضرة والمتطورة التي تقدم للمناطق البعيدة عن المركز العاصمة اكثر مما تقدمه في العاصمة وما انحراف الشباب وتنامي تمردهم الا لتردي اوضاعهم وتهميشهم والفراغ الذي يعيشونه في ظل اعلام لا يبرز حقيقة الوضع كما يجب ليبقى الشباب في تلك المناطق يعاني والأسر تعاني وكبار السن يعانون وضعف التنمية وزيادة نسبة التسرب من المدارس وتغلغل كثير من التنظيمات المختلفة المؤثرة في عقول الشباب .
وهنا يكمن اهمية تعزيز الانتماء لدى الشباب بوطنهم ومجتمعهم فالانتماء يمثل الحضن الدافيء المريح الذي يلجأ اليه الإنسان لإشباع حاجاته فالإنسان كائن اجتماعي بطبيعته فيلجأ للجماعة والمشاركة كرهاً في الوحدة والإنطوائية والإنعزالية يلجأ اليها هرباً من الشعور بالضعف والتهميش واللافاعلية وهي حال الإنتقال من اللافاعلية الى الفاعلية لأن الإنتماء ضرورة انسانية له قيمة وان فقدت هذه القيمة اي اصبح في المجتمع نسبة كبيرة غير منتمون فتصبح نفوسهم مقيدة باغلال لجماعات اقرب اليهم تحقق رغباتهم وحاجاتهم المعيشية والنفسية لأن ضريبة الإنتماء تكمن في مواجهة الفرد لوحدته وشعوره بالضعف واللافاعلية وعدم وجود من يهتم به ومن شأن هذا ان يولد لديه توترات وكآبة وسيجد من يضع له الأفكار بقوالب جاهزة ومعتقدات منمقة تجعل منه شخص يحقد على مجتمعه خاصة ان هناك من يعزز دور الإنتماء من التنظيمات المتطرفة في هذا الوقت بمعلومات وافكار تملأ الأثير بالعديد من الوسائل التقنية لتهبط على الفرد من كل اتجاه ليصبح تعامل هذا الفرد مع الأصوات الصاخبة ذات الايقاعات المتداخلة بكل بساطة حتى اصبحت سيمفونية ذات لحن فالعقلاء والحكماء يرون في الإنتماء تخبطاً وضياعاً خاصة للشباب الذي يشكل لهم غشاوة عن حقيقة لا يدركونها الا بعد الضياع والإنحراف .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com