facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




رأس الدولة أكبر من رجالها


شحاده أبو بقر
19-03-2015 02:33 AM

رأس الدولة وهو الملك ، منشغل بالقضايا الكبرى ، حيث التحالفات المتغيرة والحروب المستعرة من حولنا وفي كل الإتجاهات ، وحيث المستجد الإسرائيلي عندما يتفاخر نتنياهو بأن لا دولة فلسطينية بعد اليوم ، وبأن قدس العرب والمسلمين عاصمة ابدية للدولة اليهودية ، ثم لا ينسى وفي غمرةالغطرسة والعنجهية أن يطبع قبلة على شفتي ً ساره ، ً في المقابل سياسيونا وإعلاميونا وكلنا تقريبا ودون تفصيل ، منشغلون بالقضايا الجانبية والهامشية التي لا يمكن ان ترقى ابدا ، الى ادنى حد من مستوى التحديات والمصائب المحيطة بنا من كل جانب ، والتي يتطاير شررها سياسيا وعسكريا وأمنيا علينا في كل لحظه .

نعم ساحتنا الداخلية منشغلة تماما ، برفع الحصانة من عدمها ، بالجماعة المرخصة وغير المرخصه ، بالتعديل الوزاري وجدواه ، بمن زار سورية ومن لم يزرها ، بالمحاضرات والمذكرات والتعقيب عليها ، بالجاهات وخطبة العرائس فنحن نتصرف كما لو كنا في جزيرة معزولة عن محيطها ، وكل مسألة حتى لو كانت ساذجة بإمتياز ، تأخذ منا كل الوقت في التعليق والتناحر وتبادل الإتهامات ، في وقت عصيب وحساس ومرعب ودقيق ينذر بعواقب إقليمية لا احد بمقدوره التنبؤ بمآلاتها .

يمارس الملك رأس الدولة دبلوماسية مكثفة جدا ، وفي كل الإتجاهات ، وهي دبلوماسية تسعى من أجل هدف كبير هو صون المصالح الوطنية الاردنية ، وحمايتها من اي عبث او خطر محدق ، وما اكثرها من مخاطر في هذا الوقت بالذات ، وهي دبلوماسية ذكية تنطوي على حراك مستمر موجه ومدروس ، فالملك يمارس دبلوماسية الشجاعة والرضى والعتب وحتى الغضب والتقرب والتباعد ، الى غير ذلك من النباهة التي تصب في مربع واحد ، هو ان الاردن ليس في جيب احد ، وإنما هو فقط ، في جيب مصالحه الوطنية المشروعه ، فمن اراد التعامل معنا على هذا الاساس الثابت ، فبه اهلا ، ومن اراد غير ذلك ، فلا مكان له في تفكيرنا .

تلك دبلوماسية ذكية في زمن دقيق ، زمن تتحور فيه العلاقات والتحالفات على نحو مستغرب ومتسارع ، وتتشعب المخططات على نحو مماثل كذلك ، زمن تنهار فيه دول وانظمة بلمح البصر ، وتتعدد فيه الحركات والتنظيمات كما لو كان سوقا يتبارى فيه التجار ، كل يريد هزم الآخر ، أوكما لو كنا بصدد عشرة لاعبين في ملعب واحد ، كل يقذف الكرة نحو زميله ، ولكن بأمل ان يعيدها اليه ليسجل هدفا يحسب له لا عليه .

هذا زمن صعب بإمتياز ، فلا الاردن ولا المنطقة كلها ، شهدت عبر تاريخها زمنا مشابها له ، وهو زمن يتطلب ان نرفع جميعا مستوى التفكير والتصرف بما يوازي اخطاره ، وبما يكفل لنا الخروج من هذا الشر المستفحل باقل الخسائر ، وإذا ما تشاطرنا باحسن النتائج ، ونحن اليوم بأمس الحاجة الى ذلك النمط القديم الذي كان من رجال الدوله ، الرجال الذين كانوا يسهرون على مصالح البلاد والعباد والناس نيام ، لا تفكير عندهم بمصالحهم الخاصة الا ما ندر ، عقولهم كبيرة وقلوبهم كذلك كبيره ، يترفعون عن سفاسف الامور ، ولا يقبلون إلا بكبيرها ، الرجال الشيوخ في مناصبهم وبيوتهم واماكن عملهم ، سواء أكانوا داخل السلطة او خارجها ، فالوطن عندهم حالة وجدان وضمير وخلق ، ولا مطمع ولا مطمح لهم ، سوى أن يظل الاردن قويا صامدا موحدا ومتطورا مهما كانت التحديات ، ولذلك افلحوا ونجحوا .

ايام زمان كان لدينا قلة من هؤلاء الرجال ، لكنهم كانوا كثرة بافعالهم وسمو تفكيرهم وإخلاصهم ، واليوم لدينا رجال كثر ، لكنهم ولسوء الحظ قلة في افعالهم وإنخراطهم في الهم العام للدولة والوطن ، إذ طغت المصالح الخاصة على العامه ، وبات اقصى ما نتمنى ، ذهاب حكومة أملا في فرصة تأتي بها أخرى ، نعم ، ايام زمان كنا نستر عورات الوطن إن وجدت ، واليوم ، نتبارى في كشفها ونشرها على الملأ، ونسعد بذلك كثيرا ، كنا ندقق كثيرا قبل ان نتكلم في شأن عام ، واليوم نأخذ الناس وهم نحن بالشبهات ، كنا متفائلين دوما ، واليوم نحن متشائمون دوما ، نقزم الوطن وكل إنجازاته ، وينسى او يتناسى بعضنا ان الاردن من خيرة وخير دول الارض ، كنا لا نعرف العنصرية والاقليمية والانتهازية وما ماثل ذلك من امراض ، واليوم وللاسف ، نمارسها جهارا نهارا بلا تقوى او وازع من ضمير ، كان تفكيرنا كبيرا ، وصدورنا كانت واسعة جدا ، كنا موحدين دوما ، واليوم صدورنا ضيقة ، ولا نتوحد الا عند المصيبة العامه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

باختصار ، يطول الكلام حتى الغد واكثر ، ولكن الظرف اليوم حساس جدا ، ولا مكان فيه إلا للنابهين الملتفين صفا حول اوطانهم ، وقياداتهم ، المؤثرين للوطن ومصالحه ومستقبل ابنائه وهم ابناؤهم ، على انفسهم وعلى مصالحهم ، والاردن اليوم ، في وجه العاصفة ونسأل الله ان لا يكون في نارها ، وهو امانة في عنق كل فرد منا ، والاردن اليوم بحاجة الى رجاله الخيرين اكثر من أي وقت مضى ، والظرف لم يعد يحتمل التخاذل والعتب والتناحر والتشاؤم والاتهام ، وإنما الاعتزاز بالاردن حق الاعتزاز ، والاعتماد على الذات في زمن قل فيه العون إلا من واحد احد لا سواه ، زمن عز فيه الاصدقاء وتكاثر الخصوم والاعداء .

بالاردني الفصيح ، حيا الله الملك ، والحكومة والجيش والامن ، وحيا الله الاردنيين جميعا من كل المشارب والاطياف ، وحيا الله كل المخلصين لهذا الوطن ، اما المتردد او من يضمر الشر ، فشره في بطنه بإذن الله ، كائنا من كان ، وليعلم علم اليقين ، ان الاردن محاط بعناية الله سبحانه ، وما بعدها ولا قبلها عنايه ، فليلق بعصاه وليسترح ، حيث لا امل امامه الا الخزي والعار ، وأن غدا لناظره قريب بعونه تعالى ، والله من وراء القصد .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :