لا شيء يرقى الى التعبير عن لحظات السعادة التي تحلم بها الصبايا وينتظرنها اكثر من الفستان الابيض والطرحة.. فارتداء الطرحة والفستان يمثل وصول الحلم الذي عايشته الفتاة الى ذروته...
لقد شكل هذا الحدث محورا لمئات الحكايات والاغاني والقصص التي كانت الطرحة عنوانا لها "عم تكبر.. عم تكبر.. عم تكبر الفرحة.. وان شاء الله سنتي الجايه... بنشوفك بالطرحة".
يقدر عدد الصبايا اللواتي يلبسن الطرحة في الاردن بـ90الف صبية سنويا.. نسبة كبيرة منهن يقمن احتفالاتهن في بيوت الاهل او في الروابط والجمعيات والقاعات التي اعدت لاقامة المناسبات. في حين يقيم الكثير من الآباء الاكثر يسرا احتفالات ابنائهم في قاعات الفنادق الكبرى في اجواء لا ينقصها السخاء والحرص على توفير الاجواء التي تحقق متعة العروسين واقرانهما الذين غالبا ما يندمجون في الطقوس بتوحد يسمو على مشاركة الاباء والامهات الذين يكتفون بمراقبة اطلالة العروسين ومجريات السهرة وتقديم واجب الحضور والمشاركة لوالدي الازواج الجدد الذين لا يتوقفون عن الطواف بينهم لتقديم الاعتذار عن علو اصوات الطبول تارة وتصفير مكبرات الصوت التي تضاعفه عشرات فوق ما ينبغي.
كل عام اشارك وزوجتي في عشرات الحفلات التي ترتدي فيها الصبايا الفساتين البيضاء والطرحات ويحملن في ايديهن مسكة الورد "ضمة" التي تقذفها العروس عاليا عند لقاء شريك العمر لتتدافع الصبايا العازبات عل صاحبة الحظ السعيد تلتقطها فيكون فالا حسنا يبشر بقرب انضمامها الى ركب العرائس الجدد.
الصبايا مثل الازهار فهن يفضلن ان تبدأ حياتهن الجديدة مع الربيع ليأخذن نصيبهن من شمسه وبهجته وروحه وتفتحه.. وكما تشدو ماجدة الرومي:-
"طلي بالابيض طلي ..... يا زهرة نيسان"
بعض الصبايا الحالمات او الاكثر حلما لا ينسين جمال اواخر الصيف الذي اختاره سعيد عقل للقاء الشام حيث الكرم يعتصر... فيرين ان الاحتفال لا يطيب الا في ليالي الصيف.
غالبية الصبايا يمضين اشهرا في البحث عن الفستان فلا يجدنه.. والبعض يغيرن رأيهن مرات ومرات لدرجة تجعلك تظن بان العريس يحل في المرتبة الرابعة..
منذ ايام حضرنا عرساً لاحدى الجميلات التي بدت وكأنها خرجت للتو من صفحة قصة من قصص الاطفال.. حيث بدت اكتافها بحجم اليدين لينفرش الفستان الابيض في دائرة غطت خُمس مساحة الفضاء الذي تركه المنظمون لمراسيم اعلان انتهاء الخطوبة وبدء الزواج ورقصات العريسين والاحباء الذين شاركوهما فرحة الاتحاد.. تجولت الحسناء وعريسها بين الحضور على نغمات الاغاني اللبنانية التي كتبت لهذه المناسبات واصبحت الصبايا يعرفن موعدها على جدول "الدي جيه" وماذا ينبغي على العروسين ان يقوما به عند سماع اللحن..
"اتمختري يا حلوة يا زينة..." تتطلب مشية وملامح ونظرات تختلف قليلا عن "طلي بالابيض طلي" امهات العرائس يحرصن على القيام بحركة او اثنتين يعلنَّ فيها أنهن اللواتي انجبن الجميلات المحتفى بهن.. البعض من الامهات تتبع العروس ممسكة باطراف الفستان السفلى في حركة فيها من الحب والدلع والوجد الكثير... الاخريات اللواتي لا يرغبن بذلك يخترن الطواف على الحضور وتحيتهم وشكرهم وسؤالهم عن الاولاد في محاولة لاستكشاف الانطباعات عن العروس وجمالها ومستوى الحفل ودعوات الرفاه والبنين التي تنهال عليها من كل زوايا المكان...
على طاولة الاسرة التي تغص بالمخالفات لقواعد الدعوة من جهة اصطحاب الاطفال تجلس جدة العروس وجدها في اجواء تدفعهما لاستدعاء الايام التي خلت قبل ان ينضم لهما الابناء والاحفاد.
عشرات الصبايا والشباب الحالمين تتلاشى احلامهم قبل ان يبصرون معا بهجة الفستان الابيض والطرحة البيضاء وما يصاحبهما من مظاهر بهجة ليلة العمر التي ينتظرنها الصبايا بفرح.. والامهات بالدموع..