عن الهيئة المستقلة للإنتخاب
شحاده أبو بقر
17-03-2015 07:04 PM
ما يميز الهيئة المستقلة للإنتخاب عن سواها من مؤسسات الوطن ، هو خصوصية الإستقلاليه ، وهي خصوصية تفرضها طبيعة المهمة التي تنهض بها المؤسسه ، وبدون ذلك ، ينتفي الهدف الذي من أجله تأسست الهيئة إبتداء ، إذ المطلوب منها وطنيا وفي نظر العالم ، ان تتولى إجراء الإنتخابات نيابية كانت أم سواها ، بإستقلالية تفضي الى تأصيل قيم النزاهة والحرفية والدقة والإنضباط ، وهي بالتالي ، قيم تنتج تعزيزا لثقة المواطن بالدولة وإجراءاتها وقراراتها ، مثلما تنتج وبالقدر ذاته ، قناعة دولية وعالمية نحن بحاجة اليها دائما ، بأن الدولة الاردنية ، دولة قانون ومؤسسات ، وبأن منسوب النزاهة في سلوكها وإجراءاتها ، على قدر عال من التميز الذي يستحق التقدير ، وهي لذلك دولة جديرة بتعاون ودعم ومساندة الدول والهيئات والمنظمات الدولية كافه .
وفق هذا الفهم ، لا بد وأن يكون تعاملنا جميعا مع الهيئة ، مسؤولين ومواطنين ومؤسسات مجتمع ، وهو تعامل لا شك سيمكن الهيئة من النهوض بواجبها بكفاية تامة ، ولا شك في أن دعم جلالة الملك للهيئة وقد تجلى في لقاء جلالته الأخير ، مع رئيس وأعضاء مجلس مفوضيها ، يندرج لا بل يتوج هذا الفهم ، ويضع المجلس وبوضوح ، أمام مسؤولياته النوعية الكبرى التي لا عذر له ابدا ، في التردد أمامها ، فهذا الدعم الملكي المشهود ، يتطلب عملا نوعيا يحاكي نبل ووطنية وخصوصية المهمة ، ولا جدال في أن الاردنيين جميعا ، ينتظرون من الهيئة تجسيدا كاملا لحقيقة اننا دولة محترمة ، وان النزاهة والابداع ، هما عنوان هذه النزاهة ، وهما خصوصية اردنية ، في إقليم لطالما كان عرضة للنقد ، في إجراءاته الانتخابية التي توصف في الغالب ، بانها مجرد مسرحيات إن جاز التعبير ، وتشوبها العيوب في سائر تفاصيل حلقاتها .
يقوم على أمر الهيئة حاليا مجلس محترم ، له من الخبرة والدراية بشؤون الداخل والخارج ، القدر الجيد الذي يمكن الركون اليه ، مسنودا بجهاز إداري كفؤ تديره أمانة عامة كفؤه ، إلا أن ذلك وأمام حجم المسؤوليات المطلوبة وخصوصية نوعيتها ، يتطلب من الهيئة جهودا كبيرة جدا ، وعلى نحو يجعلها أهلا لإجراء إنتخابات بلدية ومركزية ونيابية وغيرها، تحظى باحترام وإعجاب الداخل والخارج على حد سواء ، فلا مجال لغير النجاح ، لا بل والتميز ، أما الفشل لا قدر الله ، فسيكون صعبا على الوطن كله ، وسيكون كارثة ولا أبالغ ، من شأنها لا سمح الله ، ان تكون سببا مباشرا في طمس أي أثر لثقة الانسان الاردني بدولته ، وسببا كذلك ، في دفع مختلف الدوائر العالمية النافذة والمراقبه ، لإدارة الظهر لنا تماما ، إذ سنكون عندها ، غير أهل لاي تعاون او تنسيق او دعم ، وسنصنف ككثيرين غيرنا من دول العالم الثالث ، والتي ينظر إلى إنتخاباتها كما لو كانت مهزلة تثير السخرية والتندر .
هذا أمر غاية في الأهمية ، وهذا أمر لا بد وأن تدركه الهيئة ، ولا بد لنا جميعا من إدراكه ، مسؤولين وأحزابا وهيئات ومنظمات مدنية ومواطنين معا ، فإن لم تجد الهيئة التعاون والدعم والمشورة الصادقة منا جميعا ، وإن لم تكن الهيئة مستقلة بكل ما في الكلمة من معنى ، في إجراءاتها وقراراتها ومالها وكوادرها وكل ما يتصل بعملها ، فإن النجاح المنتظر منها بتميز تام ، سيكون خاضعا للشكوك والاحتمالات ، وهما أمران ينسفان تماما كل ما هو مأمول منها ، لابل ، يحرفان الغاية التي أنشئت من أجلها ، لتكون سلبية بدل أن تكون إيجابيه ، وهو ما لا يتمناه احد في الاردن ، بدءا من جلالة الملك ، الى اقصى مواطن في اقصى بقعة في الوطن .
الهيئة المستقلة للإنتخاب ، إستثمار وطني اردني نوعي سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا ، يتجاوز في أثره وثماره حدود الوطن الى ما هو أبعد بكثير جدا ، وكل نابه محب مخلص للوطن ، يجب ، نعم يجب أن يعي هذه الحقيقة ويخلص لها بقوه ، والاستقلالية التامة هي سبيل الهيئة لإنجاز المهمة على ثقلها واهميتها وجدواها ، وهو ما يجب أن نحرص جميعا على توفيره لها بالتمام والكمال ، مسنودا بالدعم اللامحدود رسميا واهليا ، وذلك متطلب رئيس واساسي كي تتمكن الهيئة من عملها ، وكي يكون بمقدورنا لومها إن هي اخفقت او قصرت لا سمح الله .