رؤيتي الخاصة لايران و دورها في المنطقة
ظاهر عمرو
16-03-2015 06:56 PM
في عصر الشباب كانت ايران مرتبطه في أذهاننا بشاه ايران الذي كان يمثل وبإمتياز ، شرطي المنطقه و المهيمن على الخليج العربي وعلى الدول العربية الأخرى وفي مقدمتها العراق ، وكان الحليف الإستراتيجي لأمريكا والصديق الصدوق لإسرائيل ، ولهذا كنا لا نحبه ولا نريده .
وعندما جاءت ثورة الخميني عام 1979 استبشرنا خيراً لقلبه الأمور رأسا على عقب ، وقام بتحويل السفارة الإسرائيلية في طهران الى سفارة لفلسطين ،كدليل صادق وعربون محبة لنا جميعا ، ومن هنا بدأت طهران في أذهاننا تبدو وأنها المخلص لنا من العدو الصهيوني .
لم يمض طويل وقت على التحول الإيراني الجديد ،حتى بدأت الحرب العراقيه – الأيرانيه ،التي تمنيانا لو أنها لم تقع ، لتداعياتها علينا عربا ومسلمين وعلى القضية الفلسطينية .
كنا نعتقد أن الهدف من تلك الحرب هو انهاء الثورة الأيرانيه وتمددها في المنطقه ،وكنا ننظر الى صدام حسين رحمه الله على أنه المعتدي على ايران ، لأننا كنا في ذلك الوقت مع الخميني بصفته عدوا للصهاينة في فلسطين .
ولكن عندما أطلق أول صاروخ على تل ابيب من العراق ، أصبحنا نرى صورة صدام حسين في القمر ، وانقلبت الأمور لنظرتنا لصدام و للعراق ، ومنذ ذلك الوقت ونحن نراقب تلك الحرب و الظروف المحيطه في المنطقه وثبت لنا ، ومن تحليلنا للأمور ، أ ن هناك مجلسا لتشخيص الحكم في ايران ، مكون من ثمانين شخصا ، وهم يسيرون أمور الدوله و يراقبون كل أحوالها وهم الذين ينتخبون المرشد الأعلى للثورة الأيرانيه.
هؤلاء الأشخاص هم أصحاب كفاءة و قدرة ومصداقيه ايرانيه ، وهناك أيضاّ مجلس نواب منتخب انتخاباً حراً ونزيهاً ، وهناك القائد الأعلى و المرشد الأعلى صاحب الرأي النهائي و النافذ ، وهو ما يعرف بولاية الفقيه وكلامه شيئً مقدس عند الشيعة بشكلً عام وهو المرجعية العليا للإيرانيين.
تمتاز ايران بثلاثة عناصر هي :
1- دولة تنطلق بحرية تامه من خلال مصالحها فقط .
2- دولة تصنع احتياجاتها بنفسها وخاصة تصنيع السلاح ولم تخضع لشروط أحد.
3- ولاية الفقيه وما تمتاز به خلافا لكل أنظمة العالم الأخر .
وخلال كل ما سبق استطاعت ايران أن تحافظ على ثوابتها التي لم تتغير منذ مجيئ الثورة رغم كل الضغوط ،و التهديد و الترغيب و الترهيب .
كل ما سبق هو تشخيصي للوضع حتى نستطيع وضع الحلول من خلال معرفتنا كيف استطاعت ايران مواجهة البوصلة في المنطقه كلها لصالحها .
أما الطرف الآخر وهو الطرف العربي ، فهو دول مجزأة ومنقسمة على نفسها ، وكل دولة لها رؤيتها ومصلحتها الخاصة بها ، ولا أحد يأخذ بالأعتبار المصلحه العليا للأمه العربيه بشكلً عام ، وأغلب الدول العربيه مرتبطة مع المشروع الأمريكي في المنطقه ، وتنفذ الأجندة الأمريكية .
هذا المشروع صاحب الأستراتيجيه المنطلقه من حماية اسرائيل أولاً و تدفق منابع النفط ثانياً ،ولا يعنيه أي دولة أو حليفا خارج تلك الإستراتيجيه ، فلا مصالح لهم ولا ثوابت خارج تلك الإستراتيجيه .
ولهذا نرى المنطقه يوماً بعد يوم تتجه للأسوأ بالنسبه لنا كعرب ، وتتجه صعودا للقمة لصالح ايران ، فهذه سوريا وهذا لبنان وهذه البحرين وهذا العراق وهذا اليمن كلها تصب لصالح ايران .
لقد جربنا الحرب مع ايران فماذا كانت النتائج’؟ والآن نعيش على الأوهام و اجترار الماضي و الفكر التكفيري ، لنجعل من ايران العدو الأول لنا ، وهم الشيعة ، وبقي الأمر على حاله ، أضيف اليه الآن الفكر التكفيري المعاصر كعدو ثاني .
إن المصلحة الحقيقية و المصلحة العليا لأمتنا العربية ،هي أن تتوحد كأمه واحده كما هي تركيا ، وكما هي ايران وكما هو مجتمع المستعمرين الصهيوني في إسرائيل على أرض فلسطين التاريخيه .
عند ذلك سيكون لنا مشروعنا الموحد ، ويجب أن يكون مشروعاً تصالحياً مع ايران الدولة المسلمه الجارة ، التي لا نستطيع نحن أن نزيلها أو هي ان تزيلنا ، أو ننقلها أو تنقلنا من جوارها ، لأن ذلك مرتبط بالتاريخ والجغرافيا .
لا حل الا الحوار مع إيران ، أو الإستمرار في العداوه و القتال و الفوضى و الخسارة ، و النتيجة معروفه سلفاً ، لأن المستفيد الأول و الأخير من هذا العبث هو العدو الحقيقي و الأوحد لأمتنا العربية و الأسلاميه وهو العدو الصهيوني ، فنحن كأمة عربية لا يوجد لنا مصادر للقوة ، نستعملها ضد هذا العدو لتفرقنا و لتشتتنا و ارتباطنا بالمشروع الأمريكي الصهيوني .
بعد أن كانت المصلحة العليا لإيران هي بوصلتها ، وعرفت قيمة هذا التوجه ، اتجهت لتحقيق ذلك للقضية الفلسطينية وهي التي جعلت لها شأن يحترم و يقدر ، وما المفاوضات الإيرانيه – الأمريكيه على المشروع النووي الأيراني الا نموذجا لذلك ، ولهذا لا بد من الإقتراب من الإيرانيين ،و وضع النقاط على الحروف لمصلحة الجميع و للمصلحة العليا لنا كعرب و للقضية الفلطسينية بشكل خاص .
ومن هنا رأيت ان زيارة وزير الخارجيه الأردني معالي السيد ناصر جوده الى ايران حاملاً خطاب جلالة الملك للرئيس حسن روحاني، ما هي الا الخطوة الأولى في الطريق الصحيح لصالح المنطقة ولصالح الجميع.