كاميرات لحفظ الأرواح أم جباية؟
16-03-2015 01:33 AM
عمون – ضياء الطلافحة – مما لا شك فيه أن الكاميرات الحديثة التي وزعتها أمانة عمان الكبرى مؤخراً على شوارع مختلفة من العاصمة ستجني "أموالاً" طائلة.
قد يمتعض المسؤولون في الأمانة من هكذا مصطلح إلا أنها حقيقة اصبحت ماثلة للعيان ولكل من يتفحص ما يجري من شوارع عمان بدقة هذه الأيام يدرك ذلك وسط ارتفاع الشكاوى جراء المخالفات الآخذة في "التكاثر".
وربما الهدف المرجو من هذه الكاميرات حصر امتلاك المركبات لفئة بعينها في المجتمع وترك الآخرين في حيرة من أمرهم حول اقتناء مركبة، بعد أن ارهقت المخالفات جيوبهم وخاصة متوسطي ومتدني الدخل منهم.
إن هذه الكاميرات فائقة الجودة تتطلب شوارع فارهة ليست مهترئة تملأ بعضها الحفر، ويجب أن يقابلها وسائط نقل تليق بالمواطنين اذا ما فكروا بعد هذه الإجراءات الاستغناء عن مركباتهم والاعتماد على النقل العام.
ما الهدف من وضع كاميرا في عبدون اسفل السفارة السورية حيث نصبت على منحدر اذ أن المركبة حُكماً في حالتها الطبيعية ستتسارع – ليست بسرعة جنونية على اية حال- وأثناء الصعود السيارة بحاجة الى عزم باتجاه عبدون، وتفرض الامانة على السائق أن يلتزم ب 70 كم في الساعة، فمكان هذه الكاميرا تحديدا غير بريء ولا يمكن استيعاب مسوغات مسؤولي الامانة الذين يربطون الامر بالسلامة والحفاظ على حياة المواطنين.
وطالما الغاية من هذه الاجراءات الحفاظ على ارواح البشر وتخفيف الحوادث، فماذا عن الطرق خارج العاصمة التي تحصد ارواح الابرياء ليل نهار دون استراتيجية من قبل الدولة تحد من هذه الآفة، اذا كان المسؤولون يفكرون بمنطق جمعي لحل المشكلة من جذورها في كافة أرجاء المملكة.
تلتقط الكاميرات الجديدة المخالفين من مسرب الى مسرب، والسؤال هل الخطوط المرسومة على الشوارع مهيأة لكي يعرف السائق أين يمشي؟ فالسائق يتفاجأ اصلاً ب"المطبات" التي تُلحق الاعطال بالمركبات لعدم الاعتناء بالخطوط التوضيحية المنبهة لوجود "مطبات" فما بالكم بالخطوط التي تُرسم للمسارب؟.
الامانة لم تقم بواجبها على اكمل وجه قبل ان تستخدم هذه الكاميرات الحديثة، حيث تعاملت مع الأمر وكأنها في دولة اوروبية بينما على ارض الواقع تحتاج شوارعُ العاصمة الكثيرَ للحاق بركب بعض العواصم الاقليمية من ناحية التخطيط والبنية التحتية للشوارع.
بعض المركبات غير المرخصة ستتضاعف عليها المخالفات في حال تجاوزت السرعة المحددة حيث تسجل أكثر من مخالفة في آن واحد فهل الهدف هنا تراكم المخالفات وجني "الأموال" أم مصلحة السائق؟
ماذا عن المركبات التي لا يمكن لصاحبها ان يجددها فور انتهاء الرخصة وانما ينتظر آخر الشهر ليكمل المبالغ التي يحتاجها الترخيص من أجل تسديدها؟ وهي مضافة الى المخالفات الاخرى على المركبة؟
توجد بعض الكاميرات تخالف السائق على سرعة 60 كم، فاذا كان المبرر المعلن الحفاظ على انسياب الحركة المرورية نهاراً، فماذا عن المخالفات التي تقع ليلا في شوارع تكاد تخلو من المركبات؟ هل من العدل مخالفة سائق يقود مركبته على سرعة 60 كم بين الدوارين الخامس والرابع بوسع الشارع ودون حركة مرورية ؟ .
وكيف لسائق أن يخرج من نفق الفحيص (للقادمين الى عمان) ويسير على مسارب غير واضحة وتطلب منه أن يسير على (60) كم؟ اليست عبارة عن مصيدة لجباية المخالفات؟ واذا كان الأمر يتعلق بمدرسة فليكن هنالك مطب مع إشارات توضيحية.
وفي "كارديور" عبدون المتفرع من طريق المطار توجد كاميرا قبل الاشارة الضوئية وليست لها حاجة طالما توجد الاشارة؟ وان خالف السائق بقطعها فهنالك كاميرات مثبتة عليها – اي الاشارة-.
يقول المدير التنفيذي للنقل والمرور في امانة عمان الكبرى الدكتور ايمن الصمادي ان الامانة ارتأت نحو ادارة العملية المرورية بوضع كاميرات على اماكن خطيرة تشهد حوادث متكررة وتستهدف رصد مخالفات خطيرة تتضمن قطع الاشارة الحمراء، والسرعة الزائدة في الاماكن السكنية والتقاطعات الخطيرة.
المتابع لأماكن الكاميرات لا يجد معياراً ينطبق على بعض الكاميرات التي زرعتها الأمانة ضمن اهدافها المعلنة، أما المفارقة فإنه مع ازدياد الكاميرات اعلنت ادارة السير المركزية نيتها زيادة اعداد شرطة السير في العاصمة عمان، لا خفضها ؟
أما في قضية الخصوصية، فتجربة "ساهر" بالسعودية خير دليل على المشاكل التي تسببت بها مثل هذه الكاميرات .
السؤال الاخير : هل تراعي هذه الاجراءات ظروف موظفين يرتادون يومياً الشوارع المثبته عليها الكاميرات، ورواتبهم لا تزيد عن 500 دينار فإن تخالف مرتين على الاقل في الشهر لسرعة ليست "متهورة" هل يكفي راتبه نهاية العام أم يحتاج الى ميزانية جديدة يخصصها للأمانة وابداعاتها وسداد مديونيتها العالية؟
من نافلة القول أن تنفق الأمانة الأموال على تحسين البنية التحتية والشوارع الفرعية والحركة المرورية ودراسة انسياب حركة المرور بدلاً من "كاميرات الجباية غير العادلة".