في اليوم التالي لتولي جلالة الملك طلال بن عبد الله العرش استقالت الحكومة طبقا للتقاليد الدستورية ، فتم تشكيل حكومة جديدة في 8 أيلول 1951 برئاسة توفيق أبو الهدى ، ومنح مجلس الأمة الحكومة الثقة بالإجماع .
وكانت أول خطوة قام بها جلالة الملك طلال بن عبد الله مد الجسور مع الدول العربية فقد زار جلالته المملكة العربية السعودية في 8 تشرين الثاني عام 1951 استغرقت تسعة أيام .
وكان من مفاخر عهد جلالة الملك طلال أن وضع الدستور الأردني في 8 كانون الثاني 1952 ، ويعتبر من أفضل الدساتير في المنطقة ، وقد راعى الدستور وحدة الضفتين . وقد أعلن الدستور في مادته الأولى أن المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة وان الشعب الأردني جزء من الأمة العربية . ونص في مادته السادسة أن تكفل الدولة العمل والتعليم للمواطنين ضمن حدود إمكانياتها ، كما نص في المادة 20 على إلزامية التعليم ومجانيته ، وعالج الدستور قضايا كثيرة منها السلطة القضائية والسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ، والأجهزة الرقابية .
كماشهد عهد جلالة الملك طلال تفعيل اتفاقية الضمان الجماعي مع الدول العربية ، وهي ما يشبه اتفاقية الدفاع المشترك لدفع ما يهدد الأمة من خطر ، ثم ما لبث أن أطلق على الاتفاقية معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي حيث وقعت في الإسكندرية في 17 حزيران 1950 وقعت عليها سورية ومصر والعراق والأردن والسعودية ولبنان ومصر واليمن . فقد أبرمت الحكومة الأردنية هذه المعاهدة وفعلتها مع ملحقها العسكري في 24 آذار 1952 .
وفي أيار 1951 غادر جلالة الملك طلال البلاد للعلاج ، واستمر مدة من الزمن في تلقي العلاج ، إلا أن حالته الصحية تدهورت مما جعل مجلس الوزراء باتخاذ قرار بتعيين هيئة نيابية لتمارس صلاحيات الملك في غيابه ، وقد تألفت الهيئة من إبراهيم هاشم رئيس مجلس الأعيان ، وسليمان طوقان وعبد الرحمن الرشيدات عضوي مجلس الأعيان ، فقد كلفت الهيئة بممارسة سلطات الملك إلى أن يستطيع أن يمارس سلطاته بنفسه .
ولما لم تتحسن صحة جلالة الملك طلال عقد مجلس الأمة اجتماعا في 11 آب 1952 ، للبحث في مسالة عدم قدرة جلالة الملك طلال على ممارسة سلطاته الفعلية لمرضه ، وقرر أعضاء المجلس انتخاب لجنة مؤلفة من ثلاثة أعيان وستة نواب لدراسة القضية وتقديم التوصية الضرورية للمجلس ، وتألفت اللجنة من محمد الأمين الشنقيطي ، وعبد الله كليب الشريدة ، وسعيد علاء الدين ، وهزاع المجالي ، وأنور الخطيب وفلاح المدادحة ووصفي ميرزا ومحمد علي بدير وحكمت المصري .
اطلعت اللجنة على التقارير الصحية لجلالة الملك طلال واستعانت برأي لجنة منن الأطباء مكونة من جميل التوتنجي وشوكت الساطي وشوكت المفتي ، وتوصلت اللجنة إلى الاقتناع بان جلالة الملك طلال لا يستطيع ممارسة شؤون الحكم . فعقد مجلس الأمة جلسة ثانية للاستماع لتقرير اللجنة ، وبعد التداول أصدر مجلس الوزراء قرارا بالإجماع بإنهاء ولاية جلالة الملك طلال والمناداة بالأمير الحسين بن طلال ملكا دستوريا على المملكة الأردنية الهاشمية . ولما كان الحسين لم يتم السن القانونية ولم يبلغ سن الرشد تالف مجلس وصاية من السادة إبراهيم هاشم وسليمان طوقان وعبد الرحمن الرشيدات .
وفي 13 أيلول اتخذ مجلس الوصاية على العرش قرارا بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن طلال وليا للعهد .
وعهدت هيئة الوصاية على العرش لتوفيق أبو الهدى لتشكيل حكومة جديدة ، في 27 أيلول 1952 .
وفي نيسان عام 1953 عاد جلالة الملك الحسين بن طلال إلى ارض الوطن ، وقام بسلسلة من الزيارات لإنحاء البلاد ووحدات الجيش . وفي الثاني من أيار 1953 أتم الحسين الثامنة عشرة من العمر ، فحلف اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية ، فقال جلالة الحسين أمام مجلس الأمة : أبناء وطني ألا وان العرش الذي انتهى إلينا ليستمد قوته بعد الله من محبة الشعب وثقته .
- وفي 5 أيار 1953 قدمت حكومة أبو الهدى استقالتها وكلف جلالة الحسين فوزي الملقي بتأليف الوزارة الجديدة .
الى اللقاء في الحلقة القادمة ...