التطور الأهم في أزمة "الإخوان"
فهد الخيطان
15-03-2015 02:27 AM
تطوّر مهم حصل مؤخرا في صراع الإخوان المسلمين على الشرعية، جعل من قرار الحكومة الموافقة على ترخيص "الجماعة الجديدة" بقيادة عبد المجيد ذنيبات حدثا ثانويا. التطور الجديد تمثل في البيان الذي وقّعه العشرات من شباب الإخوان، وتضمن تصورا بديلا للخروج من الأزمة.
البيان مهم لأنه يمثل الجيل الجديد في الجماعة، ويحمل رؤية نقدية شاملة تجاه طرفي الأزمة؛ القيادة القديمة والقيادة الجديدة للحركة. والموقعون عليه يمثلون طيفا واسعا يتجاوز إشكاليات المنابت والأصول التي تلقي بظلالها على صراع الكبار في الجماعة.
البيان يقترح قيادة بديلة ومرحلية للجماعة برئاسة القيادي المعروف في الإخوان عبد اللطيف عربيات، لكن البيان في جوهره يشكّل طريقا ثالثا للإخوان، لم يسبق لهم أن جربوه.
صراعات الإخوان المسلمين في الأردن كانت على الدوام مشابهة لما يحدث في الأحزاب اليسارية والقومية؛ رموز قيادية تتصارع على قمة الهرم، وما على القواعد سوى الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك.
وبسبب الطبيعة "الستالينية" لتنظيم الإخوان، كان من النادر أن تسمع صوتا ثالثا خارج الغرف، وعلى الملأ. في الأزمة الأخيرة والممتدة منذ أشهر طويلة تغير الحال تماما؛ صار بالإمكان أن تسمع أصواتا كثيرة داخل الجماعة، وآراء نقدية جريئة على مواقع التواصل الاجتماعي، تنتقد بحدة رموزا قيادية، وهيئات الجماعة.
باختصار شباب الإخوان كسروا الطابع الكهنوتي للجماعة، ولم يعد هذا الجيل يرضى الوقوف في ساحة "العبدلي" بانتظار رؤية الدخان الأبيض معلنا اتفاق الشيوخ على اسم الزعيم الجديد.
ولا أظن أنهم، أي شباب الجماعة ممن وقّعوا على البيان المذكور، يقيمون وزنا لتوصيات مكتب الإرشاد العالمي، ولا هم يكترثون بأخبار الزيارات السرية والعلنية لقادة الجماعة إلى اسطنبول، بحثا عن فتوى بالشرعية.
لم يعد هذا الإسلوب يليق بجماعة وطنية، بعد كل الذي جرى في العالم العربي في السنوات الأربع الأخيرة.
إذا ما تماسك شباب الجماعة وصمدوا على موقفهم الذي أعلنوا عنه في البيان "الطريق الثالث"، فإن بالإمكان القول أن ربيع الإخوان في الأردن آتٍ دون شك.
ربيع يعيد تشكيل الجماعة وفق الشروط الوطنية للعمل السياسي في الأردن، وبما تقتضيه قواعد اللعبة الديمقراطية من انحياز تام ونهائي لثقافة جديدة غير تلك الثقافة التي سادت لعقود في الحركة.
ثمة نقاط اتفاق كثيرة نجدها في موقف شباب الحركة مع توجهات قيادات في الإخوان رفعوا شعار الإصلاح في السنوات الماضية. لكن المهم أن يكون للجيل الجديد كلمة الفصل في مستقبل الجماعة، وليس لشيوخ بينهم تاريخ من الأحقاد الشخصية والصراعات الحزبية، باتوا عاجزين عن رؤية الدنيا تهتز من حولهم، ولا يقيمون وزنا لقيم أصبحت محل إجماع عالمي.
إذا كان شيوخ الجماعة وكهولها جادين حقا في تجنيب الإخوان الانقسام، فما عليهم سوى التنحي، والتزام بيوتهم، وترك الساحة لجيل الشباب. والأمر ذاته ينطبق على معظم الأحزاب السياسية الأردنية، فلم يعد مفهوما أبدا أن يكون متوسط عمر الأمناء العامين سبعين أو ثمانين عاما في مجتمع سبعون بالمائة منه شباب. الغد