الشيخ يطالب ب 10% من ارباح الشركات لتنمية المجتمعات
15-03-2015 12:26 AM
** كشف ان انفاق القطاع الخاص على المسؤولية المجتمعية لا يتجاوز 0.2% من إجمالي حجم الإستثمارات
عمون -طالب النائب د. زكريا الشيخ بتعديل التشريعات والقوانين والتعليمات لإلزام شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وخاصة الكبرى منها والتي لها أثر بيئي سلبي على المجتمعات العاملة فيها، مثل شركات التعدين ومصانع الأسمدة والكيماويات وغيرها على تخصيص بند دائم بنسبه محددة، على سبيل المثال، 10% من إجمالي أرباحها لدعم المجتمعات المحلية والمساهمة في تنميتها حيث أن تلك الشركات تستنزف البنية التحتية للمناطق العاملة فيها.
وكشف في ورقة عمل بعنوان "المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص" قدمها السبت خلال مؤتمر "البلديات في الأردن .. واقع وطموحات" الذي انطلق السبت في الكرك، أن حجم ما ينفقه القطاع الخاص في الأردن على بند المسؤولية المجتمعية لا يتجاوز مبلغ 60 مليون دينار أردني سنويا، وهذا يمثل ما نسبته 0.2 % من إجمالي حجم الإستثمارات في الاردن والتي تبلغ نحو 30 مليار دينار أردني.
واشار الشيخ الى إن مساهمة شركات القطاع الخاص في تنمية المجتمعات المحلية والاضطلاع بمسؤوليتها المجتمعية يجب أن لا تكون "مساهمات صورية" لغايات الترويج الإعلامي أو من مبدأ "رفع العتب" بل يجب أن تكون بشكل مدروس واستراتيجي ضمن خطة تكاملية مع السلطات التنفيذية (الحكومة) تعالج الآثار البيئية السلبية الناتجة عن تلك الإستثمارات وخاصة في مجال التعدين.
ولفت النائب الشيخ الى أن أغلبية شركات ومؤسسات القطاع الخاص "قزمت" مفهوم مسؤوليتها المجتمعية بتقديم "المعونات" العينية أو النقدية للأسر المعوزة، وهذا بالتأكيد خطأ فادح في مفهوم التخطيط الإستراتيجي لتحقيق "التنمية الشاملة" حيث أنها نتعامل مع الأعراض الجانبية للمرض وليس تقديم العلاج الناجع الذي يستأصل الداء المستفحل من جذوره.
وفيما يلي نص ورقة العمل:
بسم الله الرحمن الرحيم
مؤتمر البلديات في الأردن .. واقع وطموحات
الكرك - السبت- 14/3/2015
ورقة عمل حول المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص
إعداد وتقديم: النائب د. زكريا محمد الشيخ/ رئيس لجنة التوجيه الوطني والإعلام النيابية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أتقدم بالشكر أجزله للقائمين على تنظيم مؤتمر البلديات "واقع وطموحات" المقام في هذه المحافظة الغالية صاحبة التاريخ العبق وشموخ "أهل الهية" الذين إمتزجت تضحياتهم وبطولاتهم بشهداء مؤتة دفاعا عن الإسلام وثرى الاوطان، كما أن هذا المؤتمر يحمل في ثناياه أهمية إستثنائية من حيث التوقيت وبخاصة ونحن بين يدي مناقشة مشروع قانون البلديات ومشروع قانون اللامركزية، وسيليهما قانون الإنتخاب ضمن الخطوات الإصلاحية لإدارة الدولة الأردنية وصولا إلى "الأردن الحديث" كما يراه صاحب الجلالة الهاشمية الملك المفدى عبد الله الثاني إبن الحسين، والذي يعزز مفهوم "التشاركية" في صناعة القرار التي تنطلق من عمق وجذور القواعد الشعبية في الأرياف والبادية والمدن والمخيمات، مرورا بإدارة البلديات وبمجالس المحافظات المنتخبة ومن ثم الوزرات ووصولا إلى رأس الدولة، لتكون أطراف "مطبخ" قرار الدولة الأردنية ممثله لكل مكونات المجتمع الأردني، وليس مقتصرا على "الطبقة المخملية".
إبتداء إسمحوا لي أن أعدل على ورقة العمل خاصتي بتغيير العنوان المقترح من "المسؤولية الإجتماعية" للقطاع الخاص إلى "المسؤولية المجتمعية"، كون المسؤولية الإجتماعية تقتصر على البعد الإنساني للأفراد (العمل الخيري) بينما المسؤولية المجتمعية تعد أشمل وأوسع فهي بالإضافة إلى عنايتها بالبعد الإنساني للأفراد تشمل كذلك كافة مكونات المجتمعات المحلية ومتطلباتها في الحفاظ على البيئة وتطوير البنية التحتية والإرتقاء بمستوى الخدمات فيها وتوفير فرص العمل لأبناء المجتمع المحلي وغيرها.
إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن المسؤولية الاجتماعية هو تنفيذ المشروعات الخيرية وتقديم التبرعات وبخاصة المباشرة للفقراء، كما نرى أن أغلبية شركات ومؤسسات القطاع الخاص "قزمت" مفهوم مسؤوليتها المجتمعية بتقديم "المعونات" العينية أو النقدية للأسر المعوزة، وهذا بالتأكيد خطأ فادح في مفهوم التخطيط الإستراتيجي لتحقيق "التنمية الشاملة" حيث أننا نتعامل مع الأعراض الجانبية للمرض وليس تقديم العلاج الناجع الذي يستأصل الداء المستفحل من جذوره.
مفهوم المسؤولية المجتمعية:
يعد مفهوم المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص من احد المفاهيم الحديثة، إلا أنه غير مجمع على تعريفه الإجرائي في الأردن، على الرغم من وضوح جوهره النظري.
ببساطة، المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص هي: انسجام شركات ومؤسسات القطاع الخاص في أعمالها وأنشطتها مع توقعات المجتمع، واستجابتها ومساهمتها في تلبية متطلبات المجتمعات المحلية التنموية والبيئية والأخلاقية والقيمية والقانونية خاصة في المناطق النائية (Rural) أو (Under developed) أو الأقل حظا (Less fortunate).
إن تعزيز مفهوم "المسؤولية المجتمعية" للوصول إلى "التنمية الشاملة" يتطلب العمل ضمن خطة "تنموية" إستراتيجية ومركزية، تعد وتعتمد على أسس مدروسة وبعناية فائقة، تكون واضحة الأهداف ومحددة المشاريع والبرامج تراعي الحاجة الفعلية للمنطقة المستهدفة وتحقق التوزيع العادل للثروات على كافة المحافظات وتدرك أهمية تطبيق مبدأ "التشاركية" في إتخاذ القرار، وذلك من خلال تمتين "المربع الذهبي" للتنمية والمتمثل في (التشريعات، الحكومة، القطاع الخاص والمواطن) وذلك بتوزيع الأدوار والمسؤوليات بعناية ما بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، كل حسب إمكانياته وقدراته ومناطق تواجده ومجال تخصصه، لتنفيذ أهداف الخطة التنموية الإستراتيجية آنفة الذكر.
كل ذلك يجب أن يكون مسبوقا أو متزامنا بسن التشريعات والقوانين المحفزة للإستثمار وتوفير الحوافز القانونية والتسهيلات الحكومية التي من شأنها تشجيع الشركات على التوسع في دورها في المسؤولية إتجاه المجتمع وإبراز الشركات المتميزة في هذا المجال، بالإضافة إلى تفعيل دور المواطن وإشراكه في مراحل التخطيط والتنفيذ وتوظيف كفاءة أبناء المجتمعات المحلية وتعيينهم في الوظائف حتى تعود مكتسبات التنمية في المناطق النائية على أبناء المجتمع المحلي.
0.2% فقط حجم إنفاق القطاع الخاص من إجمالي حجم إستثماراته على المسؤولية المجتمعية
إن أحدث الدراسات تشير إلى أن حجم إستثمارات القطاع الخاص الخارجية والداخلية في الأردن بلغت 30 مليار دينار أردني بينما بلغ حجم ما ينفقه القطاع الخاص في الأردن على بند المسؤولية المجتمعية مبلغ لا يتجاوز 60 مليون دينار أردني سنويا، وهذا يمثل ما نسبته (0.2 %) من إجمالي حجم الإستثمارات في البلاد، الأمر الذي يستدعي تكثيف جهود هذا القطاع ودعوته وحثه على القيام بدوره الأخلاقي في تنمية المجتمع، بالمقارنة مع نسبة الأرباح المرتفعة التي تجنيها تلك الشركات، خاصة في ظل الظروف الإستثنائية التي تمر بها المملكة بشكل خاص والوضع الإقتصادي المتردي للغالبية العظمى للمواطنين التي أدت إلى إرتفاع مرعب في متلازمة الفقر والبطالة والتحديات الجسيمة التي تواجه الدولة من إرتفاع مديونية شارفت على حاجز 23 مليار دينار أردني أو ما يقارب الـ 30 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى التحديات الأمنية خاصة الخارجية منها التي أدت إلى إنقطاع الغاز المصري والنفط العراقي والتراجع الكبير على حركة التجارة مع سوريا والعراق ولبنان وتركيا وغيرها والتي فاقمت من التحديات الإقتصادية في الأردن والتي برزت بتحديين رئيسيين أولاهما العجز الكبير في الموازنة العامة (مليار دينار تقريبا) والثاني الإرتفاع الضخم في الدين العام الخارجي والمحلي، وما يترتب على ذلك من تبعات إجتماعية وأمنية خطيرة.
دراسة: مشاركة عشوائية (الفزعات) دون تخطيط
كشفت نتائج دراسة المسؤولية الاجتماعية للشركات الأردنية التي نفذها معهد بصر لدراسات المجتمع المدني مؤخراً، على إدارات 270 شركة أردنية، أن غالبية الشركات لا ترصد مخصصات محددة ومسبقة للمسؤولية الاجتماعية في موازناتها السنوية. وبالمثل، فإن غالبيتها لا تخطط مسبقاً لأنشطة المسؤولية الاجتماعية التي تنوي القيام بها، ولا توزعها على مدار السنة.
وهنا لا بد من تعديل التشريعات والقوانين والتعليمات التي تفعل وتلزم شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وخاصة الكبرى منها والتي لها أثر بيئي سلبي على المجتمعات العاملة فيها، مثل شركات التعدين ومصانع الأسمدة والكيماويات وغيرها بتخصيص بند دائم بنسبه محددة، على سبيل المثال، 10% من إجمالي أرباحها لدعم المجتمعات المحلية والمساهمة في تنميتها حيث أن تلك الشركات تستنزف البنية التحتية للمناطق العاملة فيها.
كما أنه يجب أن لا تكون تلك المساهمات "موسمية" مقتصرة على ردات فعل آنية لإحتياجات ملحة، أثناء العواصف الثلجية أو المناسبات الدينية كشهر رمضان الفضيل وغيرها، على سبيل المثال لا الحصر، بل يجب أن تكون، كما ذكرنا آنفا، ضمن رؤية إستراتيجية وخطة مركزية بالتنسيق والتعاون مع الجهات الحكومية المختصة والخبراء من أبناء المجتمع المحلي.
إلا أن الدراسة بينت أنه بدأت تظهر في بعض القطاعات، وبشكل خاص في قطاعي البنوك والاتصالات، معالم مأسسة في ممارسات المسؤولية الاجتماعية لديها، من خلال إدراج المسؤولية الاجتماعية في الوثائق المعرفة لهويتها المؤسسية، ومن خلال تأسيس وحدة متخصصة في تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية، وعقد الشراكات الاجتماعية مع المنظمات الخيرية.
وأظهرت الدراسة أن الشركات العاملة في قطاعي التعليم والبنوك هي الأكثر تخطيطاً ومتابعة لأنشطتها في مجال المسؤولية الاجتماعية، من جهة أخرى، أبدت الشركات العاملة في قطاعي الصحة والتعليم إلتزاماً أكثر وضوحاً للفئات المستفيدة من داخل القطاعين ذاتهما، مثل الاهتمام ببرامج الرعاية الصحية ودعم تحسين المدارس.
وخلصت الى أن قطاع البنوك كان أكثر القطاعات إدراكاً لأهمية تأثير ممارساته الاجتماعية على علاقاته التجارية مع عملائه وعلى مكانته في السوق، الأمر الذي ارتبط بمعايير اختياره للمشاريع التي سيدعمها، وبحرصه على اعتماد الإفصاح الكامل عن أنشطته الاجتماعية.
مساهمة الشركات .. بين "رفع العتب" و "المساهمات الصورية" لغايات "الإعلام"
إن مساهمة شركات القطاع الخاص في تنمية المجتمعات المحلية والاضطلاع بمسؤوليتها المجتمعية يجب أن لا تكون "مساهمات صورية" لغايات الترويج الإعلامي أو من مبدأ "رفع العتب" بل يجب أن تكون بشكل مدروس وإستراتيجي ضمن خطة تكاملية مع السلطات التنفيذية (الحكومة) تعالج الآثار البيئية السلبية الناتجة عن تلك الإستثمارات وخاصة في مجال التعدين، وتكون نتائج تلك المساهمات ملموسة ومؤثرة في تنمية تلك المجتمعات وتنعكس إيجابا على بنيته التحتية وتطوير البيئة والحد من متلازمة الفقر والبطالة وبالتالي تحقق درجة متقدمة من حالة القبول لدى أبناء المجتمع المحلي، والإستفادة القصوى من الكفاءات الوظيفية المحلية من أبناء تلك المناطق، الأمر الذي يخلق بيئة محلية صديقة للإستثمارات تجنبه الصدام مع أبناء المنطقة ما يحقق الأهداف الربحية المشروعة لمستثمري القطاع الخاص.
كما أن الدور المجتمعي والإلتزام الأخلاقي للشركات هو أيضا إستثمار يعود عليها بزيادة الربح والإنتاج وتقليل النزاعات والإختلافات بين الإدارة والعاملين فيها والمجتمعات التي تتعامل معها، ويزيد أيضا من إنتماء العاملين والمستفيدين بهذه الشركات.
ويفترض على القطاع الخاص المساهمة في رفع كفاءة الكوادر البشرية والقوى العاملة لأبناء المجتمعات الحاضنة لإستثمارتهم، من خلال تأهيلهم وعقد دورات تدريبية لهم، وإحلالهم بدلا من العمالة الوافدة.
وبالمقابل، فعلى المجتمعات المحلية وقادتها أن يشكلوا عوامل مساندة لخلق بيئة آمنة ومواتية غير طاردة للمستثمرين في القطاع الخاص بهدف جذب الإستثمارات في مناطقهم وعدم اللجوء إلى "الإبتزاز" أو "التهديد" بغية "إستجداء الوظائف" أو الحصول على منافع أو مكاسب فردية، على حساب المصلحة الوطنية لمناطقهم، ما سينتج عنه دفع المستثمرين لإستخدام سياسة "الإرضاء" وبالتالي إبطاء عجلة الإنتاج والتخلي تدريجيا عن مسؤولياتهم المجتمعية أو سحب تلك الإستثمارات من المناطق الأشد حاجة لها بسبب "جشع" البعض.