هبط ملوك وزعماء وقادة من مختلف أصقاع المعمورة أرض مصر في شرم الشيخ، التي تحتضن مؤتمرا حمل اسم «مستقبل مصر» لكن الأهم كان في تدفق رؤساء شركات عالمية وصناديق سيادية تمتلك وتدير ثروات ضخمة ورجال أعمال، كل ذلك لدعم الاقتصاد المصري بضخ ما لا يقل عن 35 مليار دولار للاستثمار في 50 مشروعا جديدا.
بالنسبة لمصر تعكس المشاركة الهائلة شهادة ثقة باقتصادها لكنها كذلك تمثل رسالة دعم مالي ومعنوي للاعتدال في مواجهة تطرف يسعى لاختطاف المنطقة.
بالنسبة للمستثمرين، فقد طالما شكلت مصر بالنسبة للعديد منهم فرصة إستثمارية كبيرة لتوفر عوامل نجاحها وأهمها القوى البشرية العريضة والموقع القيادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تتقدم قائمة المشاركين شخصيات، هي سياسية وإقتصادية مؤثرة في صناعة القرار الاستثماري، وقد سبق وصولهم الى شرم الشيخ إعلانات عن إستثمارات كبيرة، تتقدمها شركات خليجية كبيرة، وقد وصل الاهتمام بالاستثمار في مصر الى أقصى بعد جغرافي ممكن بوصول سلطان بروناي الذي تبلغ ثروته الشخصية 20 مليار دولار وتمتلك بلاده أكبر الصناديق السيادية في العالم الذي يحتل المرتبة 17 عالميا بحجم 30 مليار دولار بعد الصين والامارات وهونج كونج وقطر والكويت والسعودية، وهي صناديق كلها تتواجد بقوة في مؤتمر شرم الشيخ.
أهمية الصناديق السيادية تكمن في أن استثماراتها مؤسسية طويلة المدى, وهي كذلك تتركز في قطاعات مهمة مثل الطاقة والنفط والتعدين والزراعة، وهي القطاعات الأكبر أثرا في التنمية الاقتصادية وفي توفير فرص عمل، أنظر مثلا الى تواجد هذه الصناديق في الأردن، إذ بالرغم من صغر حجم استثماراتها بالنسبة لأحجامها هي كبيرة بالنسبة لاقتصاد صغير مثل الاقتصاد الأردني، فالصندوق الكويتي مثلا مساهم رئيس في عديد من الشركات الكبرى مثل الفوسفات وفي البنوك وفي الطاقة والكهرباء، ولا تقل مساهمات الصندوق السيادي للامارات ولا الصندوق السعودي أهمية، لكن ميزة إستثماراتها تكمن في إستمرارها ونموها وزيادتها في كثير من القطاعات الناجحة.
لم تستطع الحكومات المتعاقبة إغراء هذه الصناديق في زيادة إستثماراتها أو إرتياد مشاريع جديدة باستثناء إسهامات هذه الصناديق في إدارة وتمويل المنحة الخليجية وحجمها 5 مليارات دولار وقد جاءت بقرار سياسي الفضل فيه كله يعود لعلاقات الملك عبدالله الثاني الدافئة والقوية مع زعماء الدول الخليجية الست، حتى ان هذه العلاقات إمتدت ثمارها الى صناديق سيادية بعيدة جغرافيا، فدخل صندوق بروناي شريكا في الفوسفات، لكنه بالرغم من حجمه الكبير وتوفر إمكانات الاستفادة من فرص خطف المزيد منه لمصلحة الاقتصاد، الا أنه إكتفى بهذه الحصة الصغيرة التي كان يفترض أن تكون قصة نجاح تقوده الى توسيع إسهاماته لكن ذلك لم يحدث حتى بعد مضي 9 سنوات على تواجده في المملكة.
مؤتمر شرم الشيخ سينجح في زيادة إسهامات هذه الصناديق الموجودة أصلا في إقتصاد مصر، عبر طرح فرص جديدة محاطة بتعاطف سياسي كبير، هل يخطو الأردن ذات الخطوات خصوصا وأن الفرصة مهيأة أمام الحكومة لقطف ثمار التعاطف الكبير الذي حظي بها في معركته الكبيرة ضد الارهاب وهي المعركة التي خاضها ويخوضها الملك باقتدار وإقناع كبيرين؟ الرأي