زمان في الطفولة، كان لي مهمات مثل: شراء اللبن, شراء السكر... إحضار دخان للوالد... مهمات كثيرة لا تحصى ولاتعد.. فأنا الطفل المناوب.
وكنت كلما أخرج من المنزل يقول لي أبي: (إمشي ع جنب الطريق ياولد).. وإذا لم يكن أبي في المنزل, تنادي أمي علي قائلة: (يا ميمتي إمشي ع جنب الطريق) وأحيانا تتشعب التوصيات فتلحق جانب الطريق بجملة: (لد ع السيارت بس تقطع الشارع)..
وكنت ملتزما بالتوجيهات، لدرجة أن قدمي لم تطأ الإسفلت، كانوا يخافون علي من السيارات...
في الصيف كنت أرتدي صندل (باتا), ولأن الشارع من دون أرصفة، مشيت على الحصى وكانت.. تلك الصغيرة منها تدخل تحت مشط القدم وتجرح القدم، وتجلس على حجر بجانب الشارع, وتخلع الحذاء ثم تنظفه من الحصى، ولم يكن أمرها يعنينا كثيرا.. ونمضي.
وأحيانا, كان الشوك يخترق بعضا من تفاصيل الجلد.. ونمضي, ولكني لما أخالف كلام أمي يوما, وكلامها ما زال في أذني: (يا ميمتي إمشي ع جنب الطريق)...
أتذكر أنها كانت تراقبني، مع أن السيارات كانت قليلة والناس ليسوا بالكثرة الحالية ولكن قلب الأم يبقى على طفلها حنون ومتعب وقلق ...
بصراحة, ولحظة كتابتي المقال وفي هذا الجزء توقفت, كنت أود أن أطمئن القارئ العزيز، بأني لم أعد أمش بجانب الطريق, صرت أمشي على الإسفلت ولكن للأسف, كلما عبرت دربا.. تردد صدى صوت أمي في رأسي وبقيت ملتزما بكلمتها: (ياميمتي إمشي جنب الطريق).. وها أنا ملتزم بوصيتها وأمشي بجانب الطريق.. الطريق اصلا ليست لنا, هي للسيارات ونحن المشاة على الأرصفة. الرأي