عندما وصل الرئيس جيمي كارتر ابن مزارع الفستق في جورجيا كأول رئيس جنوبي الى سدة الحكم, والرئيس التاسع والثلاثين, اطلقت عليه وسائل الاعلام لقب »الرئيس المؤمن« لأنه رئيس متدين ولكن بغير تعصب كما هو حال الرئيس جورج بوش الابن..

الحديث عن الرئيس كارتر يأتي بمناسبة جولته الشرق اوسطية بعدما بلغ مرحلة الحكمة من العمر, حيث يرى الآن القضايا على حقيقتها محاولاً التكفير عن الاعوام التي قضاها في البيت الابيض, والقرارات التي اتخذها بدافع المصالح الامريكية والاسرائيلية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني..

يحاول الرئيس كارتر الذي قام بمهمات تتعلق بالسلام وحقوق الانسان والحرية والديمقراطية ان يعوض ما فاته خلال اتفاق »كامب ديفيد« عندما فشل في اقناع دول عربية معتدلة المشاركة في مفاوضات السلام ودخول اتفاق »كامب ديفيد«, فقد حضر عملية الانتخابات الفلسطينية كمراقب دولي, ورفض العدوان الاسرائيلي على لبنان, وهو الآن يجوب دول المنطقة, والتقى قيادات عربية, اضافة الى اجتماعين مع خالد مشعل في دمشق في محاولة لتحقيق التهدئة وتبادل الاسرى ورفع الحصار عن الاراضي الفلسطينية, رغم معارضة الادارة الامريكية وانتقادها وتحذيرها له ومطالبته بعدم التقاء قادة حماس ...

الرئيس كارتر طلب من قادة حماس بادرة حسن نية لاحراج اسرائيل وكأن الرئيس العجوز المجرب لم يستفد من عبر ودروس الماضي, فاسرائيل لا يمكن احراجها, كما ان قادتها بارعون في المراوغة والمناورة, وقد يتعرض هو نفسه للخداع, لذلك نقول ان هذا التصعيد الدموي الاجرامي الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني سببه الضغط على القيادات الفلسطينية وتجويع وتركيع واذلال الشعب الفلسطيني, وربما الهدف الحالي هو الضغط للقبول بمقترحات كارتر واطلاق الجندي الاسرائيلي الاسير كبادرة حسن نية, ولكن لا اعتقد ان الفصائل ستأخذ طلب الرئيس بهذه البساطة التي يعتقدها للقبول بالفكرة او المقترح المتداول, لانهم يعرفون الاسرائيليين جيداً..

فلا تهدئة ولا هدنة ولا تراجع قبل رفع الحصار الكامل عن الاراضي الفلسطينية والاتفاق التفصيلي الكامل لاطلاق سراح الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.

وفي النهاية اميل الى الاعتقاد بان الرئيس كارتر يريد, في جولته الاخيرة, دعم الدبلوماسية الامريكية, من اجل تحقيق اعلان الرئيس بوش قبل رحيله ولكن بصورة كاريكاتورية, اي اقناع الاسرائيليين باعلان الدولة الفلسطينية المؤقتة على الورق قبل نهاية العام الحالي, وهو الانجاز الاخير الذي يريد كارتر ان يختتم حياته السياسية به ايضاً.
العرب اليوم .