قبل أن يغادر السفير الإماراتي
خالد فخيدة
11-03-2015 05:02 PM
في العمل الدبلوماسي على الساحة الاردنية، سفراء يتركون خلفهم بصمة وهم يغادرون، فلا تستطيع ان تقول له وداعا، لانه ببساطة فرض نفسه باخلاقه وحبه للاردن وقيادته وشعبه «واحد منا وفينا».
والسفير الاماراتي الدكتور عبدالله ناصر العامري واحد من السفراء الذين لن ينساهم الاردن، فهو نبض بنبض اهله وهب ليقف الى جانبهم في السراء والضراء، وكان محطة تاريخية في رفد العلاقات الاردنية الاماراتية بحالة خاصة منحت التآخي بين القيادتين والشعبين الشقيقين نكهة فريدة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وحتى ثفاقيا.
والدبلوماسي النشط ابو ناصر حرص دوما على تغليف العلاقة المعروفة للجميع بمتانتها بين جلالة الملك عبدالله الثاني وشقيقه رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد ونائبه رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد ابو ظبي والرئيس الاعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وكل اركان الحكم في هذه الشقيقة التي تدرس الوحدة بين ولايتها في علوم السياسة، بما يزيدها تميزا وتفردا ليقينه بان الشريان الذي يربط الاردن ومدنه بأبي ظبي ودبي وشقيقاتها محور استراتيجي في مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة وتهدد امنها.
واذكر في هذا المقام، تلك الهجمة التي تعرض لها اكبر استثمار اماراتي في الاردن بدعم خارجي، وكيف تصرف « ابو ناصر « بالتصدي لمحاولة اغتيال العلاقات الاردنية الاماراتية بفكر السياسي الراشد، ومشاركته في فعالية خاصة اقيمت في عمان، غاب عنها هؤلاء الذين شاركوا في هذه المحاولة البائسة، لانهم كانوا يعلمون ان الحقائق التي ستعلن في جلسة المكاشفة والمصارحة ستجعلهم يغادرون «مطأطئي الرؤوس».
وحراك ابو ناصر مشهود له منذ اول يوم له سفيرا في الاردن، سواء في تذليل كل ما يعيق «هبة» الشقيقة الامارات لتكون الى جانب الاردن في مواجهة تدفق اللاجئين السوريين الفارين من الموت عبر الهلال الاحمر الاماراتي، او المساهمة في الحد من الفقر والبطالة بالمبادرات الخيرية التي تسيدتها مبادرة « ام الامارات» في توزيع المساعدات الانسانية التي من شأنها ان تحسن الاوضاع المعيشية للمحتاجين والفقراء.
والسفير الاماراتي لم يشعر يوما انه ليس في بلده، فابواب منازل الاردنيين ومجالسهم كانت مفتوحة لـ «ابو ناصر» كمعزب. ولذلك كان من الطبيعي ان تشاهده في افراحنا واتراحنا واحدا من اهل البيت. اما ديوانيته فكانت ترجمة حقيقية لتلك الحميمية في علاقته بالاردنيين، فمجلسه في عمان كان دائما يزخر بالاردنيين الذين اكدوا دوما ان العلاقة مع الامارات وقيادتها وشعبها خط احمر.
وكاريزما ابو ناصر خلال عمله الدبلوماسي في الاردن، تؤكد حرص القيادة الاماراتية على اختيار الكفاءات التي لا تغادر عمان بعد انتهاء فترة عملها الا وتترك بصمة في ترسيخ اواصر الاخوة التي جعلت الامارات المتحدة فزعة للاردن والعكس صحيح.
وابو ناصر الذي يغادرنا هذه الايام كسفير، ويعود الينا بين الفترة والاخرى اخا وصديقا، حق علينا ان نقول له «ما قصرت». فجهده الدبلوماسي في خدمة بلده الامارات ودعم الاردن رفع قيمة الاستثمارات الاماراتية في الاردن الى 15 مليار دولار، ورفع من ثقة وطنه بالكفاءات الاردنية الذين يزيد عددهم الان عن 250 الف اردني، استأمنتهم الامارات على وظائف حساسة ومهن متقدمة لها ارتباط وثيق بالثورة الحضارية والاقتصادية التي تعيشها منذ مطلع الالفية الثانية.
خمس سنوات مرت كلمح البصر في عمل الدكتور عبدالله العامري الدبلوماسي، عاش فيها حلونا ومرنا، وشاركنا مصابنا الكبير يوم استشهد الطيار البطل معاذ الكساسبة، فقد روى بصفته «نسرا سابقا» ماذا تعني الشهادة لرفيق سلاح كل همه ان تسكن الارض السلام بدحر كل ثقافة عمياء، وماذا يعني ان يظل النسر محلقا لتبقى السماء صافية. فيا ابا ناصر الدبلوماسي والعسكري والاكاديمي «الله يعطيك العافية».
"الراي"