هو الناطق باسم الشعب المقهور غرب النهر، قالها قبل أن يحمل حقيبته ويغادر إلى عالم الحقيقة، العالم الذي لا يوجد فيه نفاق سياسي وأوهام متراكمة ومفاوضات لا تسمن ولا تغني..

قالها: "كم كذبنا حين قلنا: نحن استثناء"..!

اليوم نعيدها عليهم.. (كم كذبتم على أنفسكم حين قلتم أنكم استثناء).. كم خدعكم الآخر حين وعدكم بالغد الآمن.. حين علق أمانيكم على حبل وهم السلام.. حين قررتم أن في شتاء "أوسلو" البارد تكمن الحلول، وفي بحر الشمال الأوروبي (حيث تفاوضتم) سترمى أيام القهر والاضطهاد والاحتلال.. فـ اختركتم ما اخترتم، وغضب منكم حينها من غضب.. اخترتم، رمي البندقية ونهج طريق (دبلوماسية التفاوض)..! وأنتم تعلمون في قرارة أنفسكم أن الطريق مغلق بسبب تراكم أفكار التطرف اليهودي والحقد الصهيوني.. لكنكم أصررتم.. فـ وصلتم لما وصلتم
إليه بعد أكثر من عقدين على التفاوض العبثي منذ وقعتم أوسلو في العام (93)..

يا أشقائي في غربي النهر، لا بأس من أن يكون ماضيكم أفضل من حاضركم.. ولكن الشقاء (كل الشقاء) أن يكون حاضركم أفضل من غدكم.. أكنتم تحتاجون كل هذا الوقت لتتأكدوا من الحقيقة، ومن أن الوهم لا يأتي إلا بوهم مثله.. اذهبوا لقبر حبيبكم "درويش" فهو عندكم على أحد سفوح رام الله، قولوا له: أعد يا "محمود" علينا ما قلت بنا في آخر أيامك.. سيقول:

"هل كان علينا أن نسقط من علو شاهق لندرك أننا لسنا ملائكة كما كنا نظن"..؟

اذهبوا إلى لبنان، حيث حاصركم عدوكم الذي وضعتم يدكم في يده، ونسيتم قسوته.. اذهبوا ودقوا على قبر مبدعكم الذي أفنى عمره وهو يجوب بلاد (العم سام) مدافعا عن القضية، اذهبوا لقبر "إدوارد سعيد"، قولوا له: ماذا قلت للراحل "الختيار" أبو عمار حين وقع أوسلو..؟

سيجيبكم بالكلمات نفسها: "إنها فاشلة بالبنية.. إنها مع الغادر.. هو الأقوى ونحن الأضعف"..

قال له "إدوراد": لا توقع أرجوك، ولو توجوك بتاج الإمارة، لا توقع وتذكر الدم الذي سال..

قال إدوراد (الدم الذي سال).. ونقول اليوم: (الدم الذي ما يزال يُسال.. والأرض لم تقضمها حشائش نيسان، بل ابتلعها موشي وزوجته "ليه"، وشلومو و"شلوميت".. لم يبقى إلا القليل، والقليل يا أبا عمار لم يعد صالحاً لبناء النشيد الوطني وبسط السجاد الأحمر، لم يعد هنالك مكان لهبوط الطائرة الرئاسية ولا لإقامة عش قُبَّرة.. أين هو حلمك؟، قل لي بربك أين حلمك بعد كل تلك السنين من التفاوض؟.. أين حلم الملايين في الداخل والشتات؟.. أين أنت من كل هذا؟، ألست من وقع على هذا)..؟

يا ساسة غربي النهر.. أكنتم تحتاجون كل هذا الزمن لتخرجوا علينا قبل أيام، بعد اجتماع منظمة تحريركم، لتقولوا: "لقد أوقفنا التنسيق الامني مع المحتل، ونحن بصدد حل السلطة التي انبثقت عن أوسلو، إذا بقي الحال كما هو"..؟!

ما الحال عندكم منذ أوسلو..؟ من أنتم بعد أوسلو..؟

(إذا بقي الحال كما هو)..! وكأن الأمل ما زال بـ"اوسلو)..!

احملوا حقائبكم وغادروا مكاتبكم وأغلقوا أبواب مؤسسات أوسلو، واهدموا مقاطعة رام الله.. فلم يعد لأمر التفاوض مكان.. واجهوا أنفسكم، ضعوا الواقع أمامكم، صارحوا الشعب، قولوا: (اغفر لنا يا شعبنا نهجنا، واعتذروا على ضياع الوقت والأرض.. مع أن الاعتذار لن يغير شيئا.. لكن أعتذروا ودعوا المحتل يتحمل مسؤولياته)..

تبقى فكرة الحديث..
قالها "أبو مازن" الخميس الماضي: "سلطتنا لا سلطة لها"..
ولساسة السلطة التي لا سلطة لها نقول: تذكروا الاحتلال الطويل جيداً، فقد
استطاع أن يحولكم من أبناء "فلسطين" إلى أبناء "فكرة فلسطين"..