روسيا تبني محطتنا النووية
د.زهير أبو فارس
11-03-2015 02:13 AM
كل المعطيات كانت تشير الى أن عطاء محطتنا الكهرونووية سيرسو على الروس، وهذا منطقي تماماً، خاصة في ظل المعارضة الاسرائيلية والأمريكية المعلنة والضمنية لامتلاك الأردن لمثل هذه التقنيات الحيوية، كونها تعزز الاستقلال، والتنمية الاقتصادية، وبالتالي، تحرر القرار السياسي من الضغوط والابتزاز.
إن الذهاب باتجاه الروس خيار صحيح بامتياز، فهم من جهة يمتلكون الخبرة والتكنولوجيا المتطورة والمجربة في مجال بناء المحطات الكهرونووية (مفاعلات الجيل الثالث)، ومن جهة أخرى، فإن روسيا تمثل القطب الدولي الآخر الذي أثبت قوته وقدرته على التأثير على المستوى الأممي وانحيازه العنيد لحلفائه، وهذا ما أثبتته الأحداث في أكثر من منطقة في العالم. وقد أدركت العديد من الدول هذه الحقائق واتجهت للتعاون مع الروس في هذا الميدان، حيث تسعى الآن معظم الدول العربية الى امتلاك التكنولوجيا النووية للتغلب على التحديات التي أظهرتها تطورات الأوضاع، وتحديداً النقص الشديد في مصادر الطاقة، ولتأمين احتياجات المستقبل منها- كما يؤكد الدكتور ابراهيم العسيري كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق ومستشار هيئة المحطات النووية. فبعد الاتفاقية مع الأردن (9/2014)، وقعت شركة (روس آتوم) الروسية اتفاقية مع مصر بشأن تطوير مشروع بناء محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه، وما يرافقها من بناء قاعدة للكوادر البشرية، وذلك في إطار الجهود لايجاد حلول لازمة للطاقة في مصر، من منطلق أن الكهرباء تمثل الركيزة الأساسية للتنمية. وهناك اهتمام رسمي على أعلى المستويات بهذه المشاريع الحيوية، والتي تم التأكيد على أهمية تنفيذها وإعطائها الأولوية، خلال لقاء الرئيسين السيسي وبوتين في شباط من العام الحالي. ويشمل اتفاق التعاون على انشاء محطتين نوويتين لتوليد الكهرباء كمرحلة أولى.
وهنا، لابد من الاشارة الى أن الارادة الأردنية الصلبة في ايجاد حلول جذرية لمشاكل الطاقة والمياه والتنمية بشكل عام، باستخدام التقنيات النووية، تنسجم تماماً مع مصالح بلادنا الحيوية ومستقبل أجيالنا، وهو حق مشروع للدول في ممارسة سيادتها وقرارها المستقل. ويقيناً أن مثل هذه المشاريع الاستراتيجية ستعود بالفائدة على بلدنا في العديد من المجالات التنموية، والأهم، تحمي من التبعية للدول المصدرة للتكنولوجيا، خاصة وأن العرب لديهم من العقول العلمية والكفاءات القادرة على الاستفادة من هذه التقنيات، التي ستضعنا على طريق التقدم التكنولوجي، بما فيها اعداد الكوادر البشرية المؤهلة، وبالتالي، امتلاك الخبرات، ليس من أجل بناء محطات للطاقة النووية فقط، ولكن لخلق صناعة نووية كاملة، بكافة أبعادها التكنولوجية والعلمية والبشرية.
إن السير في الاجراءات التنفيذية لاتفاقية التعاون مع (روس آتوم) لبناء المحطة النووية الأردنية لتوليد الكهرباء باستطاعة عامة تبلغ 2000 ميغاواط، والتي يجري إعداد الجدوى التقنية – الاقتصادية لها، وتقرير الآثار البيئية، يؤشر الى أننا في الاتجاه الصحيح لايجاد الحلول الجذرية لقضايا الطاقة والمياه، التي أرهقت بلدنا، واستنزفت موازناته، وكبّلت مشاريعنا التنموية، وباتت تهدد استقلالنا الاقتصادي والسياسي. فالمشاريع الاستراتيجية الكبرى، التي نحن بأمس الحاجة اليها، تتطلب إرادات وقرارات ترتقي الى حجم ومستوى التحديات التي تواجهنا. والاردن بامتلاكه لمخزون هائل من خامات اليورانيوم يستطيع السير بثبات في استخدام الطاقة النووية لمشاريعه التنموية لمئات السنين المقبلة. الدستور