تتفنن الحكومة في فرض ضرائب على المواطنين والتجار والمستثمرين، حتى بات الواحد منا يتحسس رأسه عندما يأخذ علما بأن الحكومة بصدد دراسة قانون اقتصادي، خوفا من ان تكون في ثناياه ضرائب جديدة تعود بالويل عليه.
فربما تفكر الحكومة حاليا في فرض ضرائب على شركات بطاقات الائتمان، وربما تفكر في فرض ضرائب اخرى بأشكال مختلفة على قطاعات مختلفة، وهذا كله للأسف يعود بتأثيرات سلبية على جيب المواطن الخالي أصلا.
لا يكفي أن تتحدث الحكومة عن قدرتها على تقنين عجز الموازنة، من دون أن تنظر في الطريقة التي صنعت بها ذاك التقنين، ومن دون أن تتحسس الآثار الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية التي نشأت جراء ذلك، وحجم الضرر الذي لحق بصناعات كثيرة هنا وهناك.
حتى نؤمن بأن العجز يعالج بشكل صحيح، فإنه من الواجب أن لا تتعامل حكومتنا مع الموازنة كأرقام صماء بحساب الزيادة والنقصان فقط، فالحكومة عليها بالتزامن مع ذلك أن تتحدث إلينا أيضا عن قدرتها على جلب استثمارات جديدة، وإنْ كانت فعلت ذلك أم لا. وقدرتها على التوظيف، وحجم فرص العمل التي صنعتها، وقدرتها على ردم بؤر الفقر، وعدد جيوب الفقر التي تم ردمها. وقدرتها على الحفاظ على الاستثمارات الموجودة على أراضينا، وتخبرنا إن هاجر مستثمرون أم لا بحثا عن بيئة استثمارية أفضل. وقدرتها على تحقيق فكرة الأمان الاجتماعي والوظيفي لأبناء الوطن. فكل ذلك عوامل أساسية يتوجب التعامل معها من قبل الحكومة وهي تحدثنا عن ضبط النفقات، بحيث لا تدخلنا في دوامة أرقام الربح والخسارة فقط، فالحكومة عليها أن تعي أنها لا تدير شركة همها الأول الربح أو الخروج من معركة المنافسة "راس بطاقية"، كما يحصل في الشركات، وإنما عليها أن تعرف أنها تدير شؤون رعية ومواطنين، تتشعب مشاكلهم وقضاياهم، وظروف عملهم، وتعي أن ما تقوم به من فرض ضرائب سيؤثر على فريق من الناس هناك.
فعندما يصبح شغل الحكومة الشاغل التفكير في الطريقة التي يتوجب من خلالها فرض ضرائب جديدة، فإن الميزان في قضايا أخرى سيكون مائلا، وغير متوازن، فالحكومة -اي حكومة- التي لا تفكر الا بالضرائب سيكون من الصعب عليها ان تلمح وجود مشاكل هنا أو هناك، وهذا للاسف ما يحصل حاليا في بيت الصحافة، وجوهر ما تعاني منه صحف زميلة حاليا جراء أزمتها بسبب تعدد الضرائب على الكثير من المستلزمات التي تدخل في صناعة الإعلام.
قبل فترة رفعنا الصوت عاليا للحكومة ودعوناها لإعادة النظر في حجم الضرائب المفروضة على قطاع الصحافة، وقتها لم نكن نتحدث عن شأن خاص بنا، وإنما عن شأن له علاقة بشكل مباشر بالدولة الاردنية بشكل عام، وقتها قلنا إن حجم الضرائب التي تفرض على الصحافة يؤثر على استمراريتها، ومن شأن ذلك إن تواصل من دون إعادة نظر، أن يؤدي لإغلاق بعضها، وضرر على صناعة الإعلام بشكل عام، وهذا سيؤثر على الأمن الوظيفي للعاملين في هذا القطاع على وجه الخصوص.
اليوم نرفع الصوت، نطالب بوقفة أكثر جدية، لوقف سلسلة الضرائب المفروضة عليها، وإعادة النظر في حجم ضرائب أخرى، إذ إنه بخلاف ذلك فإن الأمر ينذر بتداعيات سيئة على القطاع، من شأنه ان يؤدي لإغلاق صحف ووضع أخرى على قائمة الإغلاق، وهذا بطبيعة الحال يعني وجود مئات العاملين في مهب البطالة والشارع.
اوضاع بعض المؤسسات الصحفية لا تسر عدوا ولا صديقا، وعدم الانتصار لها في الوقت الحالي من قبل كل أطياف المجتمع (نواب، وأعيان، ومؤسسات مجتمع مدني، وأحزاب، ونقابات، وحكومة)، سيضعها في مهب الريح، فهل مَن سمع؟! الغد