المركز الكاثوليكي: خطاب الملك قاموس جديد لعهد جديد
08-03-2015 07:40 PM
عمون - عبّر المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، عن فخره واعتزازه بالخطاب التاريخي الذي وجهه سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين إلى الأسرة الأردنية الواحدة.
وفي بيان صدر عن المركز اليوم الأحد، وقعه مديره العام الأب رفعت بدر، قال: إنّ الخطاب قد وضع اليد على الجرح، وأضاء الطريق إلى المستقبل، ذلك أنّ العهد الحالي والمستقبلي يتطلب الإبداع في تحويل جميل الأقوال إلى الأفعال البناءة التي تضيف في كل يوم لبنة جديدة على بناء الوحدة الوطنية الأردنية الغالية، وكذلك في تصدير الرسالة الأردنية إلى العالم أجمع من المجتمعات العربية الشقيقة والدولية الصديقة .
وقال المركز الكاثوليكي انّ جلالة الملك قد أكّد من جديد على المساواة الدستورية لجميع السكان، وبالأخص حين ذكر أنّ جميع أطياف الوطن تلتف حوله، مسلمون ومسيحيون، وبالتالي قد عمّق الشراكة الحضارية التي تجميع ابناء الديانتين الشقيقتين: الإسلام والمسيحية، وبالأخص في وطننا العربي الذي شهد على الدوام على تقديم العرب المسيحيين لإسهامات جلى في النهضة العربية، في الميادين السياسية والإقتصادية والعلمية والثقافية والطبية وغيرها.
واضاف: انّ جلالة الملك اليوم يعبّر عن فخره بهذه الأخوّة الحضارية التاريخية التي تجمع الأشقاء في السراء والضراء، لذلك أكد جلالته على الحقيقة الناصعة بأنّ المجتمع الأردني الواحد يشكل "عشيرة" واحدة و"أسرة" واحدة، يحكمهما التميّز بالعمل الصادق والدؤوب والمثابر لمستقبل أفضل. وأعاد المركز الكاثوليكي ما جاء على لسان جلالة الملك في مبادرة كلينتون العالمية في نيويورك في أيلول 2014 حين قال: "انّ المسيحيين العرب يشكلون جزءاً لا يتجزأ من ماضينا وحاضرنا وسيكملون كونهم جزءاً من مستقبلنا، وإنهم كانوا لبنة أساسية في بناء مجتمعاتنا منذ ألفي عام، وهذا مدعاة للفخر". وانّ جلالة الملك الذي كان أول من تنبه إلى الأخطار "المتطرفة" التي تحيق بهذا النسيج الديني والوطني المتكامل، فدعا في أيلول 2013 إلى المؤتمر الدولي المنعقد في عمان، وهو الأول من نوعه، لمناقشة "التحديات التي تواجه العرب المسيحيين"، وندرك مع جلالة الملك بأنّ سياسية الأردن الواضحة والصريحة أمام العالم، هي بأن يكون مفتوح الأبواب، فاستقبل اللاجئين الهاربين من بطش حكامهم وحروبهم الأهلية الطاحنة والدموية، واستقبل كذلك، وهذا مدعاة للفخر المضاعف، المهجرين العراقيين من سائر مدن وقرى سهل نينوى الهاربين إلى أرض تحترم التعددية وحرية العبادة لجميع السكان بدون استثناء، فجاؤوا إلى الأردن هاربين من التعسف الديني الممارس تجاههم، ففتحت لهم أبواب الكنائس، لتساعدهم على اكمال تميّزهم الحضاري والفكري والثقافي.
وهذا يدل على إيمان جلالة الملك بضرورة الحفاظ على التعددية الراقية التي زيّنت المنطقة العربية والشرق الاوسط لعدة قرون، ويتطلب الأمر اليوم التنبه إلى مكافحة التطرف عبر الحفاظ على التعددية وعلى الحضور العربي المسيحي المشرّف والمسهم الفعال في نهضة الأمة وتقدمها حاضراً ومستقبلا .
وأضاف الأب بدر يقول بأنّه الى جانب الحفاظ على التعددية والحضور المسيحي في المنقطة، انّ خطاب جلالة الملك ومبادراته التي تبنتها الأمم المتحدة، يهدف كذلك إلى الدفاع عن الصورة الحقيقية للاسلام، وبهذا الشأن كذلك انّ العرب المسيحيين، بكنائسهم ورعاتها ومؤمنيها، حاضرون ومستعدون للوقوف حول الوطن، في وجه أقوال وأعمال التطرف والتعصب والإنغلاق التي من شأنها تشويه صورة الدين الحقيقية.
وأكد البيان: اننا مع جلالة الملك في الحفاظ على الهوية العربية والمسيحية ومع جلالته كذلك في الدفاع عن الصورة الحقيقية للدين الاسلامي، وكذلك عن الدين بشكل عام لأنّه لا يشكل دعوة للقتل والخصام بل انّ الرسالة الحقيقية للدين، كما بيّنها جلالة الملك في الخطاب التاريخي، هي في مساعدة الأجيال الصاعدة على تبني "قاموس مصطلحاتي جديد" في الحرب الأيديولوجية الفكرية التي تساند الحرب الجوية، لانتزاع مصطلحات التطرّف ورفض الآخر وخطابات الكراهية والاقصاء والانغلاق، واستبدالها بمصطلحات تحترم "قدسية الحياة البشرية" وتكون إنسانية وثقافية وفكرية تخدم القادم من الأيام والسنوات، مثل الإنفتاح والإحترام المتبادل والإستخدام السلمي والسليم للدين و"ثقافة اللقاء" والتضامن وصولا الى المصطلح الراقي والمعبّر عن المجتمع الديمقراطي السليم، أي المواطنة والمساواة الكاملة، فكراً وممارسة يومية، على المستويين الرسمي والشعبي.
وقال بيان المركز الكاثوليكي: إننا نحيي كل الجهود التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني والمبادرات التي يطلقها عبر العالم، في سبيل تذكير العالم بأهمية الحوار والمودة بين أتباع الديانات، وكذلك عبر الدعوة التي لا تكل ولا تمل للدفاع عن المقدسات، وعن الهوية والحضور العربي المسيحي والإسلامي في القدس الشريف وفي سائر بلدان الشرق والعالم. ونحيي جلالته اليوم بشكل خاص في الحرب التي يقودها في مكافحة التطرف المؤدي إلى الإرهاب، سواء في الحرب الجوية الدائرة حاليا، او في الحرب الفكرية. والحمد لله، وبفضل حكمة الربّان، ستعبر السفينة الأردنية، وسط الأمواج العاتية، متوجهة إلى بر الأمان والاستقرار ان شاء الله، في سياستين: ثقافية جديدة داخليا، وسياسة الباب المفتوح خارجياً لاستقبال الأخوة المهجرين بسبب العنف السياسي والتعسف الديني.
وختم المركز بيانه، بقوله، انّ الخطاب الحديث لجلالة الملك، يجعلنا نكرّر ما قاله قداسة البابا فرنسيس في الأردن، أمام جلالته وأمام الأسرة الأردنية الواحدة واصدقائهم من كل مكان، حين قال قداسته : "أعرب عن تقديري للدور القيادي الذي يقوم به جلالة الملك من أجل تعزيز فهم أفضل للقيم التي يعلنها الإسلام والعيش الودي المشترك بين مؤمني مختلف الديانات. معروف عنك، يا صاحب الجلالة، بانّك رجل سلام وصانع سلام: شكرًا"!