بدران وعبيدات .. القيادة السرية للاخوان المسلمين
اسامة الرنتيسي
08-03-2015 06:07 PM
مضر بدران واحمد عبيدات، شخصيتان سياسيتان، من المدرسة السياسية والامنية نفسها، تشابها في الادوار، وفي المناصب التي تقلداها، لهما بصمات واضحة في الحياة السياسية الاردنية خلال الخمسين عاما الماضية، ولهما دور مهم في صياغة ثنائية "الدولة والاخوان" التي انتهت منذ بداية المملكة الرابعة.
بدران وعبيدات، لم يكونا فقط قريبين من القيادات التاريخية لجماعة الاخوان المسلمين، بل كانا يمثلان بالمعنى المجازي، القيادة السرية لهذه الجماعة، وكانا ذوي سطوة على مجمل قرارات وتوجهات الجماعة.
بدران؛ في حلقات "سياسي يتذكر" التي نشرتها الزميلة "الغد" واعدها الصحافي العميق الزميل محمد خير الرواشدة، عرّج على مفاصل مهمة في فترة تسلمه ادارة المخابرات العامة ورئاسة الوزراء، وتحدث بالتفاصيل عن حكومته التي اشرك فيها خمسة وزراء من الاخوان، ولايزال يشيد بدورهم حتى الآن، كشف عن قضية في غاية الاهمية، عندما طلب منه الملك الراحل الحسين بن طلال، بعد تكليفه بتشكيل الوزارة، ان يعمل على اشراك جماعة الاخوان في حكومته، مباشرة ابلغ الملك الراحل ان يعتبر الجماعة جزءا من حكومته، وذلك قبل ان يعود الى الجماعة لمشاورتها.
يقول؛ بعد خروجه من لقاء الملك الراحل اتصل مع الدكتور اسحق الفرحان ونقل له رغبة الملك الراحل بمشاركة الاخوان في الحكومة، فوافق الفرحان وطلب منه انتظار قرار مباشر من الجماعة الذين ابلغوه بعد ساعات بالموافقة، ودخل الحكومة خمسة وزراء من الاخوان.
احمد عبيدات، عاد الى العمل السياسي بعد ان انجز الميثاق الوطني، من بوابة الاخوان المسلمين، عندما حاول تشكيل الجبهة الوطنية للاصلاح، وقاد نشاطها طوال سنتي عمرها، من أجل اعادة جماعة الاخوان المسلمين الى الساحة السياسية بعد قرارات العزوف عن المشاركة السياسية في البلاد، والحرد عن المشاركة في الانتخابات.
في فترة عمل الجبهة ونشاطها، كان عبيدات الاقرب الى قيادات الاخوان المشاركين في الهيئة القيادية للجبهة، وحاول ترشيد حركة الجماعة، وأخذ على عاتقه امتصاص غضب اهم اعتصام نظمه الاخوان والحراك في جبل الحسين في 30 /11 /2012، وتحولت فيه مسيرة الجبهة الوطنية للاصلاح الى اعتصام بالقرب من دوار الداخلية ورفع شعار "يلا ارحل يا نسور قبل الشعب ما يثور…"
نعود الى بدران وعبيدات هذه الايام، بعد ان انقسمت جماعة الاخوان المسلمين، واصبح هناك مراقبان عامّان للجماعة، وقيادتان احداهما تريد قطع اية علاقة بالتنظيم العالمي، والأخرى تريد "اردنة الجماعة"، وبعد ان فشلت جهود الرموز التاريخية كلها في محاولة منع الانشقاق، ورأب الصدع.
بدران وعبيدات الوحيدان اللذان كانا يملكان عصا سحرية على الجماعة، فهل مازال بامكانهما ان يقوما بدور مختلف عن الادوار التي حاولت رموز من المرحلة السابقة القيام به قبل ان تصل الامور في الجماعة الى حالة لا يمكن تفادي نتائج انشقاقها.
قد لا تنفع الآن أية معالجات لقضية الجماعة من دون ان يعترف الطرف المتشدد بان عليه ان يعيد مراجعة مسيرته وقراراته، وأن يعلن بوضوح موقفه من الارهاب، وداعش من دون مواربة واختفاء خلف عبارات مطاطة، وان يتوقف عن التهديد المباشر وان التأزيم سوف يدفع المتشددين منهم للالتحاق بداعش، فتكفي سنوات الحضانة والرعاية التي تجاوزت الـ 60 عاما، والاهم ان يخرجوا من تحت عباءة التنظيم الدولي وأجندات المنطقة، والتوقف عن رحلات الحج الى تركيا بعد القاهرة.
في الافق العام، هناك محاولة اميركية عربية جديدة لاعادة استيعاب جماعة الاخوان، خاصة الراشدين منهم، مستوحاة من تجربة الغنوشي في تونس، وصهرهم في مشروعات المنطقة، بشرط ان يعيدوا تعريف الارهاب في ادبياتهم، ويتموضعوا من جديد في تحالفات المنطقة، فيتم التخفيف عنهم في مصر والسعودية والخليج والاردن خاصة المعتدلين منهم.
من غير المستبعد ان يتم تحريك الحياة السياسية من جديد في الاردن تجاة اعادة الاخوان للحياة السياسية، وهذا يعني انتخابات برلمانية جديدة يشارك فيها الاخوان، وهذا لا يمنع من اعادة عبيدات مثلا لرئاسة الحكومة بالتفاهم مع الاخوان، وفتح صفحة جديدة.
"العرب اليوم"