حديث السرايا وهموم القرايا
صبري الربيحات
08-03-2015 03:06 PM
تطوير خطاب ثقافي لمكافحة الإرهاب ومحاصرة انتشار التطرف أولوية وطنية للجميع.. لكن المشكلة الكبرى أن الخطاب الذي يلجأ له البعض هو واحد من اثنين؛ فإما أن نحاول تقديم فتاوى بديلة تبطل فتاوى المتطرفين وتفسيراتهم ما يدخلنا في جدل لا نهاية له أو أن يصطدم خطاب المواطنة والمسؤولية بحجج يسوقها الناس حول مشكلات البطالة والفساد وضعف اهتمام الحكومات بالخدمات وتردي نوعية الحياة واسئلة اخرى تتعلق بالعدالة والتنمية وانسداد الافق وقلة اكتراث السياسات العامة وحتى التشريعات الجديدة بقضايا الناس اليومية..
المشهد قد يبدو سهلا للبعض.. فهو لا يتعدى ان تقدم خطبة او موعظة لجمهور من المصلين او الطلبة او الاهالي.. لكن المهم هو ان تكون مقنعا فيما تقول وان يفضي الحديث والموقف الاتصالي الى الاستجابات التي تطمح في الحصول عليها.
اليوم كنا على موعد مع الاهل في منطقة بيرين المحاذية لشفا بدران ولا تبعد عن الجامعة الاردنية اكثر من 12 كيلومتراً.. وتغطي مساحة القضاء اجمل المناطق السياحية الواقعة بين عمان والزرقاء وجرش والبلقاء.. يعيش في القضاء قرابة عشرين الف نسمة واكثر من 500 مزرعة وعلى اراضي القضاء اقدم غابة لاشجار الملول "البلوط" التي يزيد عمرها على 800 سنة.
غالبية الساكنين في قرى الكمشة وام رمانة والمكمان والعالوك والمسرات وصروت وابو خشيبة ورجم الصوان وبيرين من عشائر بني حسن خصوصا عشائر الخلايلة والغويري والشديفات والزيود والزواهرة والعموش واعداد اقل من العشائر الاخرى..
لقاء اليوم الذي شارك فيه ما يقارب الـ150 من رجال ونساء القضاء وحضره مدير القضاء ورئيس البلدية والمجلس المحلي للقضاء.. لقاء نوعي تحدث فيه الدكتور بسام العموش والدكتور حمد الخلايلة اضافة الى رئيس البلدية ومدير القضاء وكاتب هذا المنشور..
المفروض ان يجري الحديث عن التطرف وكيفية التعاضد للحد من الارهاب وما الذي يمكن ان يقوم به المجتمع للوقوف في وجه التطرف والارهاب..
تحدث الدكتور بسام باسهاب عن الاسلام والاعتدال والظواهر الطارئة التي شوهت صورة العقيدة واتباعها ودور الاستخبارات العالمية والامم في احداث هذا التشويه.. وتحدث عن اهمية الفهم الصحيح للدين وقيمه السمحة في الحد من تمدد القوى الظلامية وممارساتهم...
بقية الاخوة المشاركون تحدثوا عن اهمية العدل وتكافؤ الفرص والتعليم والاهتمام بالمناطق على قدم المساواة والحفاظ على مكتسبات البلد والتنبه للاخطار.. وتحدثت انا عن الاسرة والمجتمعات المحلية والحوار.. واهمية الاشراف والاتصال في تحصين الجيل في وجه التطرف والحيلولة دون تبني بعض الشباب لاتجاهات معادية للمجتمع وثقافته السائدة واحتمال تعرضه للاستمالة والتجنيد في الجماعات المتطرفة.
المشاركون عبروا عن تقديرهم لما يتمتع به الاردن من استقرار والادوار التي تقوم بها مؤسسات الجيش والامن.. لكنهم اثاروا الكثير من التساؤلات حول البطالة وتدني مستوى الخدمات وقضية العدالة الاجتماعية والفساد واشياء كثيرة اخرى..
اشار الزملاء المتحدثون الى اهمية الالتزام بعنوان اللقاء وان ينصب الحوار على العناوين التي تناولها المتحدثون.. لا أرى شخصياً امكانية فصل الموضوعات عن بعضها البعض وكنت اتمنى لو كان لدينا اجابات مقنعة حول سؤال لماذا يغيب المسؤول عن التواصل مع الناس.. ولماذا لا نتوسع في خلق فرص عمل انتاجية.. ولماذا تتدنى الخدمات.. ولماذا يغيب التلفزيون عن لقاء مجتمعي يتمنى الناس لو كان حاضرا لينقل همهم الى من يهمه الامر.
اللقاء اليوم حيوي وهام.. والناس توّاقون ليتحدثوا ويستمع لهم.. والقضايا المجتمعية التي تلامس حياة الناس تحتاج الى ان يتفهمها المسؤول ويبادر للتعامل معها دون رجاء او منة.. عندها سيكون المواطن اكثر قابلية للتجاوب مع نداءات الدولة واكثر اقبالاً على المشاركة.
الشكر للدكتور رافع البطاينة مدير القضاء والاستاذ هاني الخلايلة رئيس البلدية والدكتور الشديفات الذي ادار اللقاء والضيوف الذين تحدثوا في جوانب متنوعة من الموضوع.. والشكر لاهلنا الاعزاء في بيرين فقد كان يوما حافلا اعاد الى ذاكرتنا ان حكي السرايا لا بد ان يتطابق مع حكي القرايا لكي لا يغني كل واحد منا على ليلاه.