لا يستطيع اي عاقل ان ينكر جهد مخططينا الاقتصاديين منذ عقود خلت في قدرتهم على استقراء المستقبل و الاعداد للقادم من الايام.

و لمن يشكك في هذا اسوق بعض الامثلة للتأكيد على ذلك، فمنذ حوالي ثلاثين عاما، انتبهت حكوماتنا الى الارتفاع الحاد الذي سيواجههه الاردنيون في أسعار البندورة ، فأنشأت صندوقا مخصصا لزراعة التفاح، كان نتيجته من فضل الله علينا ،و بفضل حكمة الحكومة آنذاك، أن اسعار التفاح لدينا أضحت رخيصة مقارنة بالبندورة بحيث يستطيع الاردني أن يتنغنغ و يعمل قلاية بالتفاح بدلا من قلاية البندورة، و هذا من أقصى درجات الرفاهية التي انتبهنا اليها منذ قديم الزمان لما يتعلق به الامر من فوائد جمة في تناول التفاح ايضا تفوق تناول البندورة.

و مثال اخر، كي لا يكون الامر متعلق بالطعام فقط ، فقد تنبأت احدى الحكومات بالارتفاعات الحادة في اسعار الحديد عالميا ، فعمدت الى خطة ذكية ساهمت في سحب مخزون المانيا و كوريا الاستراتيجي من حديد الخردة ، و سمحت باستيراد السيارات من عمر فاق الخمس سنوات من تلك الدول، فحققت عدة اهداف من حيث تسهيل عملية تنقل المواطن بما تبقى من عمر افتراضي لتلك السيارات،و أجرت الاختبارات اللازمة لقدرة شوارعنا على احتمال ازمات السير ( الدراسات المرورية ) تحضيرا لاية هجرات مستقبلا ، و جعلت بلدنا مستودعا للحديد الخردة ، نستطيع الان و في السنوات القادمة استخدامه و بذلك نكون قد ضحكنا على الالمان و الكوارنة، و سنصبح دولة مصدرة للحديد قريبا.

بناء على ما تقدم، و في خضم الحديث عن برامج البيع و الخصخصة و التراخيص لكل ما هو مقنن، فانني ادعو كل من يكتب بعكس التوجهات ، الكف عن التشكيك في حكمة مخططي سياساتنا الاقتصادية ، لان تاريخنا يشهد لنا .