تعديل وزاري بلا ضجة ولا غبار مشاورات
جهاد المنسي
04-03-2015 01:58 AM
التعديل الأول، الذي أجراه رئيس الوزراء د. عبدالله النسور على حكومته الثانية الاثنين الماضي، جرى من دون ضجة، ومن دون إثارة أي غبار، تعوّدنا عليه قبل التعديل.
الرئيس أخذ موافقة النواب على الموازنة، وعلى الفور، ذهب للدوار الرابع، ليطرز تعديلا وزاريا ذا نكهة اقتصادية، وبرمشة عين، خرج من خرج من الحكومة، ودخل من دخل.
الملفت أن الرئيس سطر تعديله الجديد، ولم يكن لسكان العبدلي (النواب) دور يذكر فيه، فأبعدهم عن المشورة، واستكثر عليهم الاستئناس برأيهم، وعزلهم عن المشهد، من أوله لآخره؛ فالرئيس، لم يشأ أن يثير أي ضجة حول تعديله، ولم يشأ إثارة أي غبار حوله، حتى لو كان الغبار الذي سيثيره شكليا.
بعيدا عن فكرة التعديل والتأويل والاستشارة وغيرها، فإن طريقة التعديل وأسلوبه، يعودان بنا إلى المربع الأول، الذي كان يتم بموجبه إجراء التشكيل والتعديل، حيث كان مجلس النواب، في أغلب الأوقات، بعيدا عن كل ذلك، وكان دوره مناظرة التلفاز، لمعرفة أسماء الوزراء الجدد، ومن خرج ومن دخل، فيما لم يخلُ الأمر من زيارة بروتوكولية، يقوم بها الرئيس المكلف لرئيسي "الأعيان" و"النواب".
المؤسف أن حكومة د. النسور، اعتمدت إبان تشكيلها، طريقة مختلفة، فالنسور بحسب ما تم الإعلان عنه في حكومته الثانية، جاء لسدة الرئاسة، بموجب مشاورات نيابية، موسعة، مع الكتل، تمخض عنها تسميته لرئاسة الحكومة، ووقتها ألمح الرئيس المكلف، إلى إمكانية مشاركة نواب في التعديلات اللاحقة، وأن الحظر على مشاركتهم، يمكن أن يرفع، بحيث يكون لمجلس النواب دور في الحياة السياسية، وتمنح الكتل النيابية، قوة قد ينتج عنها لاحقا تكليفها بتشكيل الحكومة.
حينها، اعتبرنا أن ذلك بداية جيدة، تؤسس لفكرة الحكومات البرلمانية مستقبلا، وما يقال يمكن أن يكون تدريبا جيدا لنا للمستقبل، واستبشرنا خيرا، بإمكانية أن يتم تقوية المجلس النيابي، من خلال منحه دورا، لأن تشارك كتله وتياراته السياسية في الحكومات، وأن تقدم تلك الكتل برامج عملها، وتقوم بتنفيذها عبر بوابة السلطة التنفيذية.
للأسف، ما جرى في التعديل الاول، كان عودة للوراء، فالرئيس الذي جاء نتيجة ترشيحات نيابية، لم يعد لمجلس النواب، وبات الأخير بعيدا عن مطبخ قراراته.
المؤسف أيضا أن رؤيتنا ما تزال غائمة وغير واضحة بشأن الحكومات البرلمانية، وما نزال نقدم قدما، ونؤخر أخرى، ولكننا في المرحلة الفائتة، أخّرنا قدمين اثنتين بالكامل، لنعود للمربع الأول، من حيث المراوحة في المكان عينه.
البرلمان، مهما كان لونه، ومهما اختلفنا مع أعضائه وأدائهم، ومهما ازعجتنا قراراته، هو بيت الديمقراطية، ولا يمكن أن نسير باتجاه الديمقراطية والإصلاح المنشود، أو أن نحقق النقلة المطلوبة، للحكومات البرلمانية، التي تحدثنا عنها كثيرا على مر السنتين المنصرمتين، إلا من خلال عبور هذه التجربة، والخوض فيها، ومنحها الفترة الزمنية الكافية والمطلوبة للنجاح والتحقق.
من دون الذهاب إلى تطبيق فكرة الحكومات البرلمانية، والحزبية لاحقا، سنبقى ندور في حلقة مفرغة، وستبقى مجالس النواب، سواء الحالية أو اللاحقة، مجالس صورية، لا أثر ولا تأثير لها، وسنبقى نبحث عن شكل ولون، لتلك المجالس. كما أن ذات الأمر ينطبق على الأحزاب السياسية، التي ستبقى من دون أثر طالما بقيت بعيدة أو مستبعدة عن فكرة الإصلاح والمشاركة في الحكومات.
في المحصلة، فإن التعديل حصل، وانقضى الأمر، وجاء بوزراء تكنوقراط، ذوي نكهة اقتصادية، الأمر الذي يعني أن الحكومة، سيكون نهجها اقتصاديا بامتياز، في المرحلة المقبلة، وهو الأمر الذي يجعلنا، نحن معشر المواطنين المتلقين دوما لقرارات الحكومة الاقتصادية، نضع يدنا على قلوبنا، خوفا من التوجهات الجديدة للحكومة، وأن نرفع أيدينا بالدعاء، بأن يكون التوجه الحكومي الجديد، رحيما بنا، معشر المواطنين. الغد