حينما يَنضَبُ الحِبر,ولا يعود في المحَابِر سوى الدم لنكتُبَ به....وحينما نبحث عن المحابِر لنغمس بها أقلامنا,نجدها قد تَخلّت عن زُجاجها واستبدلتهُ بأوعية من اللحم البشري,ما يدعونا لرمي الأقلام جانبا واستبدالها بحُقَنٍ لسحب الدم الذي سنكتب به وقائع هذه الحُقبة من الزمن الذي صارت فيه شاشات القنوات الفضائية,وشاشات المواقع الإخبارية تنضحُ بالدم حتى كاد الدم أن يكون قَطْرة للعيون!
وتلك الصحف الورقيّة صارت وكأنها غُمّسَت بالدم بعد أن نضب حبر مطابعها,وصارت تنبعثُ من أوراقها رائحة حوانيت الجزارين إلى حد صرتُ أعتقد بأني سأجد بين طَيّات أوراقها بعض سائلٍ لَزِج من قَيئ الدم الذي لم تتمكن الضحيّة من إخراجه في لحظات موتها الأخيرة!.. وأحيانا صرت أخال بأن قطعاً من عظام جُمجُمة ستقوم الشاشات بقذفها علينا لتنغرس في قلوبنا المُقاومة للحب, والشفقة, والحُنُو, والتي شاخت قبل أوانها ولم يعُد بمقدورها الجَرْيَ خلف أي بارقة فرح قد تَلوحُ بالصُدفة!
أنا لا أصدّق أن هذا الذي يحدُث إنما حدَثَ ليتوقف بعد أن يُصاب بالملَلْ، أو ينال منه التَعب، واليأس..الذي يحدُث لن يقبل حتى أن يأخذ قِسطاً من الراحة، إنما سيتمكن من الإستحواذ على المزيد من الطاقة للإندفاع نحو ما هو أعظم كارثية,وأشد بلاءً!...وصدقوني إن قُلت لكم أن وقود طاقته قد تزود بها من منابع إستسلامنا المُطلَق له!، لأنه "الشيطان"!