«أبيع الميّة في حارة السقايين»
جهاد الخازن
19-04-2008 03:00 AM
الإسلام والغرب - 1ترددت كثيراً في الكتابة عن الإسلام والمسلمين في جريدتنا هذه، فمن ناحية أشعر بأنني «أبيع الميّة في حارة السقايين»، فكل مسلم يعرف دينه، ومن ناحية أخرى ثمة حساسية في طرح المواضيع الدينية، ولا بد من أن توجد معارضة لأي طرح، غير أن الموضوع مهم جداً ومتناول ومتداول، ولا بد من رد عاقل موضوعي هادئ أرجو أن أكون قادراً عليه.
وأوضح قبل أن أبدأ أنني لا أطالب القارئ بأن يتبع ما أقول، فأنا أنصحه باتباع شيخ الأزهر أو مفتي بلاده. وأزيد انني مؤمن بالله واحد أحد لا شريك له، و «الله لا يغفر أن يشرك به ولكن يغفر ما دون ذلك»، فإذا أخطأت فسيغفر لي. ثم هناك حديث رواه الشيخان هو «من آمن بي وحدي لا شريك لي دخل الجنة...». وهكذا فأنا ضامن مقعدي في الجنة مع المغفرة، والله الموفق.
أرجو من القارئ العربي والمسلم أن يصبر عليّ فسأكتب حلقات، أولها تقديم عام يعرفه المسلمون، إلا أن هذه الزاوية تترجم وأكثر مادة الجريدة الى الإنكليزية، لذلك فالحلقة الأولى تمهد لما بعدها، عندما أبدأ بالرد على النائب غيرت وايلدرز، وغيره من المتطرفين والموتورين، وسيشمل الرد مقارنة بين الإسلام واليهودية ضمن حدود الأدب، فأسوأ ما نفعل في الدفاع عن الإسلام هو أن نهين ديناً توحيدياً آخر.
أعتقد بأن المقارنة ستكون محكمة وسيفاجئ بعضها القارئ مهما حسن اطلاعه، وقد عملت في حوار الإسلام والغرب على مدى ثلاثة عقود إلا أن الدراسة الحالية تعكس جهد ستة أشهر استعملت فيها كل ساعة فراغ عندي ودقيقة للقراءة والمقارنة وسؤال الخبراء.
قبل أن أرى الفيديو السخيف الذي أنتجه وايلدرز صدمت بمقابلة صحافية له عنوانها «لا أكره المسلمين، أكره الإسلام»، فقد كان رأيي ولا يزال أن الإسلام أفضل من المسلمين. والكلمات قد تستعمل حتى تستهلك وتظل صحيحة. الإسلام دين سلام واعتدال، ولكن هناك أقلية متطرفة خطفت الدين فيما الغالبية صامتة أو غير مهتمة أو في حالة إنكار.
المنظمات الإرهابية من نوع القاعدة تخالف آيات محكمات، والقرآن الكريم يقول: «... ولا تقتلوا أنفُسكم إنّ الله كان بكم رحيما»، ما يعني بحسب فهمي منع العمليات الانتحارية. ويقول أيضاً: «ومَن يَقتُل مؤمناً مُتعمِّداً فجزاؤهُ جهنَّمُ خالداً فيها وغَضِب الله عليه ولعنَهُ وأعدَّ له عذاباً عظيماً».
وهكذا فالله ينهى عن قتل النفس وعن قتل المؤمنين، ونرى في العراق يوماً بعد يوم انتحاريين من القاعدة يقتلون المسلمين.
القرآن الكريم أوصى بغير المسلمين وقال: «وإن أحدٌ منَ المُشركينَ استجارَك فأجره حتى يسمَعَ كَلام الله ثمَّ أبلغه مأمنَهُ ذلك بأنَّهم قومٌ لا يعلمون». ودعا دائماً الى اللين في القول والعمل:
»اذهبا الى فرعون إنّه طغى* فقولا له قولاً ليِّناً...».
»لا إكراهَ في الدين...».
»... فمَن شاءَ فليُؤمن ومَن شاء فليكفُر...».
»... ولو كُنتَ فظاً غَليظ القلبِ لانفَضُّوا من حولِك...».
»ولو شاء ربُّك لجعلَ الناسَ أُمَّةً واحدةً...».
وقد حاولت في هذه الدراسة أن أتوكأ على القرآن الكريم فقط منعاً للجدال، ولم أستعن بغيره إلا ضمن أضيق نطاق، وحيث لا خلاف، ففي وصايا النبي الى جيوشه، ووصايا خليفته أبي بكر: لا تغدروا ولا تغلوا. لا تقتلوا امرأة ولا طفلاً ولا شيخاً فانياً. ستجدون رجالاً في الصوامع فاتركوهم لما نذروا أنفسهم إليه. لا تذبحوا إلا لمأكلة. لا تقطعوا شجرا. والإرهابيون في العراق قتلوا كاهناً، وخالفوا وصية الرسول وخليفته الأول.
هذه الوصايا جاءت والإسلام يدافع عن وجوده في حروب الردة، ولو خسر المسلمون المعركة في حينه لما كان هناك إسلام. اليوم المسلمون 1.2 بليون نسمة ولا خطر على وجودهم البتة يبرر قتل الآخرين. وأكمل غداً.
عن الحياة.