التعديل الوزاري
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
03-03-2015 04:20 AM
لقراءة التعديل الوزاري الاخير, حاولت التقييم بحسن نيه و لكن كل محاولاتي باءت بالفشل. فأنا كمواطن اردني متابع لا اجد ان من وظيفتي مجاملة الحكومة و مؤسسات صنع القرار و لا انتقادها و لكن تقييمها ضمن بوصلة محدده و هي الانتماء للاردن ماضيا و حاضرا و مستقبلا. برأيي الشخصي ان التعديل الاخير هو نكسة و عودة الى مسار خاطئ توقعنا اننا قد تجاوزناه و تعلمنا دروسه و لكن يبدو ان المشاريع لا تحزم حقائبها و ترحل و لكنها تنام تحت الرماد ليعاد بعثها من جديد بشكل او باخر. لتوضيح الصوره لا بد من تفكيكها و تحليلها و ربطها بماضيها
نبدا من سلسلة (سياسي يتذكر/ مضر بدران) والتي اظهرت لنا كيف كان نهج الخلايا و المستشارين حول رأس الدوله و كيف تكونوا من مجموعات من شتى الاصول و المنابت تميزوا بعمق الانتماء الوطني و الاقتراب من نبض المجتمع و كيف كانوا يدخلون في نقاشات طويله مهذبة مع الملك الحسين رحمه الله في القرارات.
في تلك المراحل تم بناء مؤسسات تعتبر في منظور اليوم اعجازيه مثل الجامعه الاردنيه و المدينه الطبيه و شركة البوتاس و الكهرباء و صوامع الحبوب و القائمة تطول.
ننتقل الى بضع سنوات عجاف في منتصف العقد المنصرم تم فيها تحت مبرر المديونيه بيع مؤسسات مهمه بطريقه ان احسنا الظن فيها نقول خطايا و خرج علينا سياسيون لم نسمع بهم من قبل بوصفات غربيه معلبه وصل اليها الغرب كنتيجه لتطور اخذ خصوصيته و ضمن احتياجاته.
لم تراعي هذه السياسات الخصوصيه الوطنيه و المجتمع الاردني لتنتهي بخصخصة مؤسسات مهمه و بطرق غير سليمه زادت من معاناة المواطن و الغريب انها ادت الى ارتفاع المديونيه. نعطي مثال بسيط خصخصة شركة الكهرباء التي انتهت بضمان الربح للشركات المشتريه مع تحمل الحكومة العجز في اسعار الطاقة و الذي تعمل الحكومه على تحميله للمواطن اليوم.
هذه السياسات في تلك السنوات العجاف تعاملت مع الاردن كشركة تؤدي خدمات لزبائن و ليس كدوله عليها مسؤوليه اجتماعيه امام مواطنيها مما ادى الى تراجع فكري تعليمي اقتصادي سياسي. فضلا عن تراجع في العدالة الاجتماعية و تراجع الاهتمام بالاطراف لصالح المركز مما ادى الى زيادة معدلات الفقر و الحرمان و الحنق الشعبي. هذا فضلا عن اضعاف الروح الوطنيه التي يعززها المشاركة و التضامن و الشعور الانساني من المسؤول مع المواطن العادي.
هنا لنكون منصفين يجب ان لا ننسى الوجه الاخر من السياسة الخاطئه و الذي قد يكون جاء ردا على سياسات المغامرين و هو لون الجهوية و التي اختصرت الاردن في مناطق محدده مع اهمال و اقصاء و تهميش باقي المناطق. فحصلت مناطق بعينها على نصيب الاسد في كل مكاسب الدوله و اهملت جرش و معان و الطفيله و عجلون و مناطق من اربد مثل الكوره في حين تأرجحت باقي المناطق يمينا و شمالا حسب مراكز ثقلها في الدوله.
قد يغضب حديثي البعض و لكن اجد ان من واجب النخب ان تضع الامور بصورتها الحقيقيه دون مجامله او تبرير لأن الاردن للجميع و هو ملك للجيل الحالي و للاجيال القادمه و نظره سريعه من حولنا نجد اننا في جزيره امنه محاطه بمحيط متلاطم من المشاكل و الحروب. لذا فأن المحافظه على الاردن ليس ترفا او كماليات بل هو ضروره ناهيك عن ان الوطن هو الدم الذي يجري في عروقنا و لا يجوز ان نسمح بتقسيم الاردنيين الى شركاء و اجراء (مفردها اجير).
اعود الى التعديل الوزاري و الذي اعاد لون السنوات العجاف بتيار السياسات المغامره و اللون الاخر باغلبية وزراء من مناطق بعينها. حاولت ان افهم الهدف من التركيبه الوزارية الجديده و السياسات المرجوه و لكنني عجزت عن الوصول الى نتيجه.
الخلاصة اننا توقعنا مكافئة الشعب الاردني على وعية العميق الذي ظهر في كل المناسبات و الانتماء الصادق للوطن و الجيش و المؤسسات و القياده بتخفيف الاسعار او تصحيح اخطاء سابقه اهمها الكهرباء او تخفيف الرسوم الجامعية و لكن فوجئنا بتعديل وزاري استباح ذاكرتنا و اعاد الينا ايام التنفيع و الاسترضاء و تفصيل الوزارات على المقاسات. بصراحة انا متشائم جدا.
حفظ الله الاردن و الشعب الاردني القابض على الجمر و حمى الله الجيش و المؤسسات والقياده.
د. هيثم العقيلي المقابله/جامعة العلوم و التكنولوجيا الاردنية