الاخوان : فرصة لن تتكرر .. !!
حسين الرواشدة
03-03-2015 01:55 AM
هل سيبادر الاخوان الى تصويب اوضاع “الجماعة” قبل ان تشهر الحكومة اجراءتها ؟
اعتقد انهم سيفعلون، اما كيف ، فهنالك سيناريوهان اثنان يصبان في نتيجة واحة: الاول ان يصدر قرار عن مجلس الشورى بالغاء المادة الثانية من القانون الاساسي التي تنص على ارتباط الجماعة بالقاهرة، وبالتالي فان فرع الاخوان في الاردن سيصبح تنظيما مستقلا لا علاقة له “بالاصل” او بالنسخة المصرية، اما السيناريو الثاني فهو ان تقوم جماعة الاخوان بالتفاوض مع الحكومة للافصاح عن حقيقة التصويب المطلوب ثم تقوم بدراسة ذلك وتقديم وجهة نظرها وصولا الى اشهار التصويب ، سواء تعلق بعلاقتها مع القاهرة او باي بنود اخرى ، ولا اعتقد هنا ان اعادة ترخيص الجماعة كجمعية او كحزب سيكون مطروحا من الحكومة او مقبولا من الاخوان الان.
على كل حال، ما تزال المعلومات المتعلقة بترسيم العلاقة بين الاخوان والدولة شحيحة بسبب القطيعة بين الطرفين ، فالطلب الذي تقدم به الاخوان لتنظيم لقاء مع الحكومة من اجل مناقشة الموضوع لا يزال “قيد الدراسة” ، ومع ان الحكومة احالت طلب الشخصيات الاخوانية ال43 بالتصويب واسناد مهمة ادارة المرحلة الانتقالية اليهم للتدقيق من قبل سجل الجمعيات التابع لوزارة التنمية الاجتماعية الا انه لم يصدر حتى الان قرار رسمي من الحكومة او من اية جهة قضائية يحسم اشكالية وضع الجماعة القانوني ، كما انه لم يعرف للان الحدود التي ستذهب اليها الحكومة في ترسيم العلاقة مع الجماعة وفيما اذا كانت ثمة ارادة سياسية تدفع بهذا الاتجاه او ذاك.
في تقديري، ما فعلته الحكومة حتى الان تجاه ملف التصويب يشير انه لا يوجد لدى الدولة قرار مسبق تجاه الجماعة ، وبالتالي فان احتمالية فرض اي قرار سيخضع لحسابات معقدة وطويلة ، ولهذا كان كان خيار شراء الوقت هو الافضل ،ربما لسببين: الاول ان الذين تقدموا بالطلب لا يمثلون الاغلبية داخل الجماعة ، وبالتالي فان الاستجابة لهم ستفضي بالضرورة الى حل الجماعة او احداث انشقاقات كبرى فيها ، وهذه النتيجة لا تجد من يدعمها داخل مطبخ القرارالسياسي في هذا الوقت بالذات نظرا لاسباب اشرنا اليها سابقا، اما السبب الثاني فهو ان ما جرى كان رسالة للاخوان لكي يبادروا الى تصويب اوضاعهم بانفسهم ، وربما ارادت الدولة ان تمنحنهم هذه الفرصة لتنفيذ المطلوب ، وبخلافه فان الخيارات ستكون مفتوحة امامها لاتخاذ القرارات التي تفكر فيها.
لكن من المؤكد ان ازمة الجماعة ليست فقط مع الدولة، وانما ثمة ازمة داخلية لا بد ان تتجاوزها ، وهي لا تتعلق - كما ارى- بصراع بين مشروعين : اردني وفلسطيني، ولا بارتباط مع القاهرة او حماس او التنظيم العالمي، وانما تتعلق بصراع اجنحة وامزجة ومصالح واعتبارات، وبجراحات ومظلوميات جرى التغطية عليها ولم تبرأ بعد، وقد انعكس ذلك على اداء الجماعة وافرز اختلافات عميقة على البرامج والادوات ، وهنا يبدو ان ان ترسيم العلاقة بين القيادات من جهة وبينها وبين القواعد من جهة اخرى ، ثم بين الجماعة والمجتمع ، اصبح “واجب الوقت” ، وما لم تنهض الجماعة الى تصويب اوضاعها بنفسها فان تجاوزها - ان حصل- لمشكلة التصويب مع الدولة سيؤجل الازمة لكنه لن يحلها ، وستنفجر في اي لحظة.
هنا لا بد ان يتحرك العقلاء داخل الجماعة من اجل اعادة ترتيب بيتهم والحفاظ على وحدتهم وسمعتهم ايضا ، وربما تصلح المبادرة التي قدمها “شباب الاخوان” امس كارضية للحوار ، وهي تتضمن اعادة تشكيل وتوسيع المكتب التنفيذي برئاسة المراقب العام وبمشاركة (13) عضوا : 3 اعضاء يسميهم المراقب الحالي و3 يسميهم المراقب السابق(سالم فلاحات) فيما تسمي اللجنة النسائية 3 اخوات ويسمي الشباب 3 اخرين،كما تتضمن اعتماد ميثاق تنظيمي ومدونة سلوك دعوية كاطار مرجعي يحتكم اليه الجميع ، على ان يتولى المكتب التنفيذي الجديد ادارة المرحلة الانتقالية ببرنامج واضح ولمدة محددة تجري خلالها تعديلات على القانون الاساسي وبنية الجماعة ، وكذلك هيكلية الجماعة ،اضافة الى اصلاح النظام الانتخابي وتعزيز فصل السلطات وضمان المشاركة الحقيقية للمرأة والشباب.
حاولت ،بالطبع، ان اختصر اهم ما جاء في المبادرة الشبابية ، وهي تتقاطع في بعض بنودها وافكارها مع المبادرة التي سبق ان اطلقها المراقب العام قبل شهرين، ومع انني لا اعتقد انها ستجد قبولا لدى بعض القيادات التي انحازت الى انتزاع التصويب من الحكومة ، الا انها اذا تم التوافق عليها ستكون فرصة للجماعة لكي تعود الى السكة الصحيحة ، ليس لانها -فقط- ستجنبها محاولات الاستقواء و الانقسام ، وانما ايضا لانها ستبعث برسالة لخصوم الجماعة والمتعاطفين معها تؤكد التزامها بالاصلاح والتصويب الذاتي ، وقدرتها على تجاوز ازماتها والاندماج في محيطها الوطني ، والاهم من ذلك انها تبرز النموذج العملي الصحيح الذي اصبح مطلوبا من الاسلاميين ، سواء الذين يعملون في حقل الدعوة او في مجال السياسة، خاصة في هذا الوقت الذي يتعرضون فيه للشيطنة والاستئصال ، كما تتعرض فيه اوطانهم للتفكيك والعبث والحصار.(الدستور)