المحكي والمسكوت عنه في التعديل الوزاري
عمر كلاب
03-03-2015 01:45 AM
القراءة الاولى في التعديل الوزاري على حكومة الدكتور عبد الله النسور لا يقول اي جديد , سوى اعادة ترميم الجسد الحكومي ومنح الحكومة جرعة زائدة من الوقت لاستكمال برنامجها المتنازع على اولوياته السياسية والاقتصادية , وسط سكون على الجبهتين « السياسية والاقتصادية « من حيث طبيعة التعديل , فكل الوزارات السيادية بقيت على تركيبتها وطال التعديل وزارات الخدمات من الصف الثاني , مما يعني استمرار النهج الحكومي السابق بإنتظار مفاجآت الاقليم واشتراطاته التي ستبدأ يوم 17 الشهر الجاري موعد الانتخابات الاسرائيلية ومقدار التطور المصاحب للهجمات البرية على عصابة داعش .
استحداث مناصب نوّاب الرئيس خلى ايضا من الدلالة على الجبهتين الاقتصادية والسياسية , فالوزير محمد الذنيبات النائب الاول وزير ناجح في وزارته وقريب من تيارات الاسلام السياسي ولا يوجد تفسير لتسميته بالنائب الاول الا هذا الملف الذي تشهد اوراقه تحركات ايجابية المظهر الخارجي بإنتظار الدخول في تفاصيل ترخيص جماعة الاخوان المسلمين الجديد والجهة الاخوانية التي سيُحال عليها عطاء ترتيب اجراءات الترخيص وإن كان المشهد يشير الى تيار الحمائم الموجود داخل رحم الحزب وغير هذا الملف السياسي فإن الرجل مثقل بملفات وزارته التي ينتظرها الكثير من العمل والجهد .
كذلك ينسحب الامر على النائب الثاني ناصر جودة الذي يحمل حقيبة الخارجية وتتطلب مهام حقيبته الوزارية قضاء وقت في الاجواء اكثر من بقائه على الارض ولا نعرف حتى وقت قريب اي اهتمامات اقتصادية للرجل , بمعنى ان فكرة نواب الرئيس لم تحمل دلالة توزيع الملفات او تشكيل خلايا متخصصة بأي جبهة من جبهات المواجهة الاردنية الداخلية التي ينتظرها استحقاقات كثيرة ليس اولها المجالس المحلية المنتخبة ولا البلديات وانتخاباتها اضافة الى تجهيز قانون الانتخابات النيابية واحداث التوافق الوطني عليه , والامر ذاته على ملفات مواجهة الفقر والبطالة ومعركة جذب الاستثمار وتحسيم بيئته التشريعية .
ما لم يقله التعديل جهرا قاله في السر او بين اسطره الكثيرة , فكل الرهانات كانت تنتظر مقدم وزير للدفاع بعد استكمال متطلبات خروج الوزارة الى العلن بالتعديلات الدستورية الاخيرة , بل كان بزوغ وزارة الدفاع اول موجبات الحديث عن التعديل والتمهيد له بالاضافة الى فصل حقيبتي السياحة والعمل , وربما كان عدم بزوغ نجم وزارة الدفاع هو الذي جاء بتعديل تقليدي اما لانتظار استكمال متطلبات وزارة الدفاع وبالتالي سيتلو التعديل تعديل جوهري يعكس دلالات اكثر قوة او ان رياح الاقليم وعواصفه جعلت التريث عنوان المرحلة وجاء التعديل لاثبات استمرار الحكومة بنهجها المعهود والمعروف .
حكومة الدكتور عبد الله النسور نجحت رغم القصف العنيف الذي تعرضت له تحت قبة البرلمان في اجتياز مطبات اقتصادية وسياسية من العيار الصعب , ونجحت الحكومة رغم صعوبة قراراتها الاقتصادية في تبريد الجبهة الداخلية وامتصاص كثير من الاحتقانات ساعدتها على ذلك حادثة استشهاد الطيار معاذ الكساسبة وشكل دول الجوار التي غامرت احزابها وشعوبها بالعبث في عوامل الاستقرار الداخلية فأخذ الشارع الاردني على عاتقه حماية وطنه وامنه واستقراره .
التعديل في جوهره يحمل اشارات تطمين للحكومة ورئيسها بأن الوقت في صالحهم لاستكمال عمليات التجميل المطلوبة على الوضع الداخلي العام وليس على وجه الحكومة وجسمها فحسب , فهناك فائض في الموازنة بناء على اعتماد سعر مرتفع لاسعار النفط , وبالتالي يمكن استثماره في ترتيب اوضاع المحافظات لدعم مشاريع تنموية صغيرة ومتوسطة تكفي لتشغيل الاردنيين في تلك المحافظات لازالة التشوهات فيها وتوسيع دائرة دافعي الضرائب لرفد الموازنة بمبالغ اضافية , وهناك هامش لتحسين البنية التحتية في مناطق الفقر التي تعاني من تراجع المرافق الخدمية .
omarkallab@yahoo.com
الدستور