لعلني أقرأ بأن العنوان الأبرز للتعديل الذي أجراه رئيس الوزراء بالأمس يدخل بإطار توجيه رسالة ملكية مفادها؛ بأن نهج الإصلاح الشامل راسخ ومستمر ولا تحول عنه. فمن المعلوم بأن الإصلاح يحتاج الى بيئة مستقرة بنهجها وشخوصها وآلياتها على اقل تقدير، فالحكومة الحالية تسير نحو عامها الثالث، فيما البرلمان أطفئ شمعته الثانية دون وجل، بالنظر للأعمار السابقة للحكومة والبرلمان.
فيما هناك جملة اهداف يراد تحقيقها من التعديل، حيث بدا ان التعديل كان ينتظر الانتهاء من مناقشات مجلس النواب للموازنة، وتم بعد إقرار الموازنة، وقد يراد منه التحرر من بعض الوعود التي تم اطلاقها من دولة الرئيس للنواب فيما يتعلق بدوائرهم وقرب مطالبها من الوزارات التي حصل عليها التعديل، على الرغم من ايماني بأهمية المؤسسية والتراكمية على الشخوص.
التعديل من شأنه أن يمد في عمر الحكومة على الأقل حتى تشرين اول على اقل تقدير حيث تكون قد اتمت ثلاث سنوات على الأقل، وفي المقابل يكون مجلس النواب قد انتهى من مناقشة قوانين الإصلاح السياسي من بلديات واقاليم ونيابة أو يوشك. كما يقدم التعديل وصفة قيادة نسائية ناجحة لملفات ذات تماس مباشر مع واقع وحياة المواطن، بعد أن تعّلم النسور من سقطة تشكيلة مجالس امناء الجامعات، والتي كادت تخلو من العنصر النسائي، والذي يقرأه البعض على أنها عقلية منحازة لا زالت تتفيأ ظلال ثقافة ذكورية مبكرة تعود لخمسينيات القرن الماضي، في حين اقترب التشكيل النسائي الحالي من خمس الفريق الحكومي تقريباً.
هل استشعر النسور خطراً يلف حكومته؟ وبالتالي المبادرة الى المبادلة، بعد توجيه جلالة الملك لتدفئة المدارس الحكومية والاستفادة من الطاقة المتجددة في هذا المجال، الامر سيناط بوزارة الطاقة بدرجة كبيرة في الوقت الذي تعاني فيه من وجود لـ " المفرملون" داخل الوزارة ومعطلي ملف تجديد الطاقة، ولعل ذلك يحتاج الى تنسيق وانسجام تام بين وزارتين وشخصين فجاء سيف للطاقة فيما جاء فاخوري للتخطيط. هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد تكون محافظة الطفيلة الفاعل الأكبر في تسريع التعديل بتوجيه من جلالة الملك وانتصاراً لها بعد انقطاع غير مسبوق للكهرباء عنها خلال العاصفة الثلجية الأخيرة.
ملف آخر لا يقل أهمية عن سابقيه اسند للدكتور الخضرا، التعليم العالي والبحث العلمي، بعناوينه الشائكة البحث العلمي، من حيث ضرورة التأسيس له منهجياً في الجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة من خلال إضافة مادة اجبارية تدرس المنهجية العلمية في البحث، وبما يتعلق ايضاَ برفع حصة البحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي وانا على يقين باستبسال الخضرا في القتال من اجل كشف متعلقات أهمية زيادة تلك الحصة بما يدعم خلق ابداعات ابتكارية؛ تساهم على المدى القريب و المتوسط في المساهمة بعلاج ظاهرة البطالة وتجويد المخرجات التعليمية، مع التركيز على التعليم المهني والتطبيقي واستعارة التجربة الألمانية في هذا المجال، والعنوان الثاني سيئ السمعة داخلياً وخارجياً وهو موضوع العنف الجامعي والذي أتوقع بأننا سنشهد انحساراً في منسوبه في المستقبل القريب ، كل ذلك وغيره من وجهة نظري لن يتم أو يتحقق بمعزل عن التشبيك والشراكة الحقيقية مع وزارة التربية والتعليم بالدرجة الأولى فالذي سيتم صقله هنا في الجامعة سيؤسس له هناك في المدرسة.
إن إنعاش الموازنة ومضاعفة دخلها من السياحة، يجب أن يتم في ظل الظروف الحالية على أقل تقدير بزيادة المردود السياحي في ظل تعثر الحزام السياحي المجاور للأردن وانشغاله بربيعه الدموي، وظهور الأردن بشكل المقصد الرئيسي في أحيان والبديل لذلك في أحيان أخرى، وهنا اعتقد اننا سنلحظ فرقاً فيما يخص ملف السياحة بالكامل أعداداً واقبالاً ودخلاً وتسويقاً خاصة ونحن على اعتاب فصول المواسم السياحية. فلا زالت الاعداد متواضعة، صحيح أن الإقليم فعل فعلته ولكن بالإمكان أن يقضي السائح اسبوعاً على الأقل في الأردن متنقلاً بين شماله ووسطه وجنوبه.
لقد جاء التعديل بحذر شديد فمطلوب أن يظهر اضافته للفريق الحكومي بدخول خمس وجوه جديدة، الا ان العناية بدت واضحة في اختيار الشخوص الذين مطلوب منهم الاندماج والتكامل مع باقي الفريق بسلاسة في الوقت الذي لم تثر حولهم ضوضاء الفشل أو التقصير أو الفساد.
adel.hawatmeh@gju.edu.jo