مصر ومقولة بن غوريون والمؤامرة الكبرى
رجا طلب
28-02-2015 01:44 PM
انتشرت مؤخراً بصورة ملفتة للنظر على مواقع التواصل الاجتماعي مقولة نسبت إلى أول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن غوريون ونص هذه المقولة "قوتنا ليست في سلاحنا النووي بل في تدمير وتفتيت ثلاث دول كبرى حولنا العراق – سوريا ومصر إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر" انتهت المقولة.
قمت ببحث مستعجل وبسيط على مواقع البحث ولم أتأكد بالفعل إن كان بن غوريون قال هذا الكلام أم لا؟ وهو المعروف برؤيته الاستراتيجية ودهائه وقدرته الكبيرة على استشراف المستقبل، ولكن ما نعيشه منذ أكثر من عقد ونيف، وبالتحديد منذ سقوط نظام صدام حسين إلى اليوم، مروراً بما سمي بـ "الربيع العربي"، يدلل على أن هذه المقولة هي مقولة واقعية وهي في طريقها إلى التطبيق العملي .
العراق كان ضحية واضحة لنظرية كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، ومستشارة الأمن القومي للبيت الأبيض وقتذاك عند إطلاق النظرية المسماة "الفوضى الخلاقة"، والتي أحالته عملياً إلى الفوضى القاتلة وإلى "المطبخ الخاص بكل خلطات الصراع القومي والاثني والطائفي ومازال"، وهو الآن بالتصنيف الدولي دولة فاشلة ولكن "بامتياز" بعد أن تحول إلى محافظة إيرانية تعيش في عشرينيات القرن الماضي، أما سوريا فقد أحالها النظام نفسه إلى مساحة شاسعة لأكبر عمليات التهجير والقتل وموئل الإرهاب العالمي كله الذي أحالها هي الأخرى إلى بلد كسيح، تحول معه إلى محافظة إيرانية تديرها طهران سياسياً وعسكرياً باسم رئيس اسمه بشار الأسد، فسوريا القلب النابض للعروبة، أصبحت القلب المقدس للفرس والقاعدة الأقوى للحرس الثوري في المنطقة .
وإن صحت مقولة بن غوريون، فإن الدور على مصر، وواقعياً بدأت المؤامرة على السد العالي للأمة العربية منذ أن تسلم الإخوان المسلمون السلطة في مصر عام 2012 وتحول الربيع العربي إلى ربيع "إخواني" كامل الملامح ووفق مخطط أمريكي تركي وأطراف إقليمية أخرى رأت فيه إدارة اوباما مع أردوغان أن تحويل مصر إلى دولة يقودها "مرشد خرف" يُمكن الطرفين من تعميم هذا النموذج على بقية الدول العربية الغنية منها والفقيرة، على أن تكون أنقرة "السلطان اردوغان" هي الوالي المفوض من البيت الأبيض في تدمير ما تبقى للأمة العربية، وأن يكون لها نصيب الأسد في مقابل الحصة الكبرى لإيران في العراق وسوريا .
المخططان في سوريا والعراق أنجزا إلى حد كبير، ولكن المفاجأة الكبرى كانت إفشال المخطط الأهم في مصر، وهي عملية كان الفضل الأول فيها للإمارات العربية المتحدة والسعودية بدعم من البحرين والكويت والأردن، وتمت محاصرة "إسقاط" الدولة المصرية وتحويلها إلى دولة عاجزة، وإضفاء صبغة دينية عليها واتباعها إلى "استانة" طيب رجب اردوغان.
الآن تتعرض مصر إلى المرحلة الثانية من المخطط التركي – الأمريكي وهو استهداف الدولة المصرية بالإرهاب، فمعلوماتي الشخصية من مصادر غربية مهمة أن تركيا وخلال الأربعة شهور الأخيرة فتحت عدة معسكرات تدريب للإخوان المسلمين المصريين، كما فتحت معسكرات خاصة لتنظيم "داعش الليبي" بأموال من دولة غنية وتكثف تهريب السلاح في ظل غياب الدولة بليبيا لصناعة مزيد من الفوضى فيها، ولتهريب الإرهابيين المتدربين من داعش والإخوان وهما صناعة تركية، تتشارك بها جهات أخرى إلى مصر .
مصر هي "السد العالي" لما تبقى من مقومات للأمة العربية، كأمة، واعتقد أن الحرص الواعي من دولة الإمارات على مصر في حربها على الإرهاب، والحرص الآخر والمهم من الأردن مع منظومة دولة التعاون الخليجي يشكل "درعاً عربياً" لإسقاط مقولة بن غوريون .
Rajatalab5@gmail.com
e.ae24