معارضة في الخطابات وموالاة في التصويت!
طارق مصاروة
28-02-2015 01:47 AM
تنكد الرئيس د. النسور من الإساءة الشخصية في مناقشة مشروع قانون الموازنة 2015، لكن هذا الاحساس كان عاماً: فخلاصة كلمات السادة النواب (110 نواب) ان الموازنة لا تستجيب لحاجات الأردنيين، وأن الفقر والبطالة ستستمران، وأن الدَين العام سيزداد.. ومع ذلك، وبدل ردّ مشروع قانون الموازنة، وافق النواب ذاتهم عليه!
كان من الطبيعي بعد هذا النقد الحاد للموازنة، أن يرفضها المجلس، وبالتالي أن يكون هذا الرفض بمثابة سحب الثقة من الحكومة. لكنَّ الأمور مرّت كما تمر الفزعات، في المجتمع القبلي الذي يصرَّ على أنه مدني، وديمقراطي.. ونيابي!
نحن أيها السادة أمام الحقيقة في أن العمل البرلماني ليس عملاً فردياً يمارسه النائب كيفما اتفق وطالما أننا لا نملك أحزاباً ترفع المزاجية الفردية.. فقد وجدنا أن الكتل البرلمانية قد تنجح في إعطاء العمل البرلماني تقاليده، وتجاربه، وتمثيله الحقيقي للشعب.
لكن الكتل النيابية في برلماننا لم تثبت انها متماسكة، او انها تؤطر الجهد التشريعي الرقابي وتضع له ادوات تحد من الحالة الشاذة: معارضة في الكلام الخطابي وموالاة في التصويت.
قد يعتقد عدد من السادة النواب ان الخطابات الحارة يمكن ان يفهمها الناس على انها «حالة نضالية» من اجل مصالحهم، وان التجديد للنائب في الدورات القادمة يصبح مضمونا، لكن الامر ليس كذلك فشعبنا شديد الذكاء، ويفرّق بين الجد والهزل.
إن التهويل بكوارث اقتصادية وسياسية تتجمع فوق رأس الدولة الاردنية من فقر، وبطالة، ودين عام.. دون امل بايجاد مخرج من هذه الكوارث إنما هو تشجيع للفكر العدمي، والمزاج السوداوي الذي لا حل له في الاحزاب، والنظام البرلماني.. فيكون الانضمام الى داعش والنصرة وغيرهما هو الطريق الذي نصل منه الى.. الازدهار وسعادة الناس.
ان تضخيم الاحباط, وتعتيم صورة البلد وتشويه كل ما يجري على أنه فساد, لا يقود الا الى الفكر العدمي الذي نراه في مشاهد الذبح والقتل ودمار المدن وقتل آلاف الناس!
ليس المطلوب ان يسبّح السادة النواب بحمد حكومة د. النسور لكن المرتجى هو انصاف البلد في هذه الاجواء الملتهبة من حولنا, وانصاف شعبنا, وانصاف المستقبل من غوائل العبثية والهياج العاطفي, فمشروع قانون الموازنة اخذ اربعة اشهر من الدرس والاستجوابات في اللجنتين المالية والقانونية. وكان المفترض ان يثق المجلس بلجانه, بدل كل هذا.. الهباء! الرأي