المخطط أميركي صهيوني وإفشاله بيد طهران وانقره
شحاده أبو بقر
27-02-2015 03:03 AM
نملك جميعا الحق في الحيرة إزاء فهم اسباب ومبررات الدمار الذي يشهده عالمنا العربي والاسلامي حاليا ، وتتعدد بيننا التفسيرات والتكهنات ، حول من يدفع بهذا الاتجاه ، ولمصلحة من يجري تمزيق عالمنا العربي وتدمير جيوشنا ومقدراتنا وإعادة اقطارنا الواحد تلو الآخر ، الى عصور التخلف والظلام والضعف والهوان ، ونختلف ونتفق في التفسير ، وهذا ايضا امر مبرر في ظل تسارع الدمار وتعدد ادواته وأختلاط الامور على نحو يصعب فهمه احيانا .
واقع الحال يقول لمن يريد ان يتفكر ما يلي
١ بدأت الخطة التنفيذية للمؤامرة الكبرى وباسلوب ماكر مدروس بعنايه ، مع بدايات الحرب العراقية الايرانية عام ١٩٨٠ ، فقد رأت الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل ، ان تلك الحرب فرصة ذهبية لا تعوض ، لضمان تدمير جيشين مطلوب تدميرهما ، وتحطيم بلدين يمكن ان يصبحا قوة عظمى تشكل مصدر تهديد لإسرائيل وللمصالح الاميركية في وقت غير بعيد ، ولبلوغ هذا الهدف ، تبنت واشنطن إدامة الحرب لثماني سنوات ظنت انها كافية لإنهاك البلدين معا ولعشرات السنين ، ولا ننسى ان الحرب كانت فرصة لاسرائيل لتدمير المفاعل النووي العراقي .
٢. ظهر العراق بعد الحرب بمظهر المنتصر واكثر قوه ، ولهذا كان لا بد من ضربه من جديد ، ومن اجل هذا زينوا له إحتلال الكويت ، ولم يتركوا اية فرصة للحل العربي الذي تبناه الراحل الملك الحسين الذي كان يدرك المخطط وعواقبه على العرب جميعا ، وسارعوا الى حشد الجيوش وبالغوا في تحطيم العراق تاركين جيشه في الكويت ، لينسحب تحت القصف بعد ما حل بالعراق من دمار .
٣. لم يركع العراق ، ولذا كان لا بد من حرب جديدة ضده بذريعة اسلحة الدمار الشامل التي ثبت انها غير موجوده ، مستفيدين من حالة العداء الناشئة بين العراق وايران جراء حربهما السابقه ، ليتم تحطيم العراق من جديد ، وتسريح جيشه ، وتغذية الفتنة الطائفية بين اوساط شعبه الواحد والى يومنا هذا .
٤ فكروا من جديد بإيران ، ومضت سنوات والعالم كله يحبس انفاسه ، بإنتظار لحظة إنطلاق الصواريخ والطائرات صوب أيران ، والمبرر البرنامج النووي الايراني ، وإمكانية إمتلاك ايران للقنبلة النووية التي تهدد من وجهة نظرهم في حينه ، إسرائيل والمصالح الاميركية والغربية عموما .
٥ اعادوا في واشنطن تحديدا دراسة الامر جيدا ، ووجدوا ان الشعوب الاميركية والاوروبية عموما ، لم تعد تحبذ إرسال الجيوش مجددا الى المنطقه ، مع ما يترتب على ذلك من كلف باهظة فى الاموال والارواح والمقدرات ، وبدأوا البحث عن بدائل تزيل الخطر النووي الايراني ، واستقر الرأي على تجريب التفاوض ، خاصة بعد التطورات التي شهدتها ايران على الصعيد السياسي الداخلي ، وشرعوا في ذلك وما زالوا ، وسط تردد وانتقاد إسرائيلي ، فإسرائيل تريد حلا عسكريا على نحو ما جرى في العراق وإفغانستان .
٦ في مسار سياسي مواز للتفاوض ، عملوا بدهاء على تعميق الخلاف العربي الايراني ، وإستثمروا حالة الفتنة الطائفية التي نمت بعد حربهم الاخيرة على العراق ، وامعنوا في تعميق الخلافات العربية الايرانية على أسس مذهبيه ، ولم يعودوا يكترثون كما كانوا من قبل بالتدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية العربية ، لا بل غضوا الطرف وشجعوا ايران باساليب جهنمية على المزيد ، والهدف هو اشغال الطرفين وتحويل الخلاف بينهما الى عداء يصل حد الصدام ، على نحو ما يجري في العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين ، ولاحقا في مواقع اخرى .
٧. فاجأهم الربيع العربي ، لكنهم استوعبوا الصدمة بدهاء ، وحولوا الربيع الى نعمة لهم ، والى نقمة على العرب والمسلمين شعوبا وحكومات ، وعدلوا عن مهاجمة سوريه ، وتخلوا عما يسمونه مبادئ وقيم الحرية والعدالة وحقوق الانسان ، وشجعوا نشوء الحركات القتالية العربية والاسلاميه ، وسعدوا كثيرا بأن جعلوا منها حركات تقتل العرب والمسلمين دون سواهم ، وتسهم في إدامة التناحر والاقتتال ، بين العرب والعرب داخل اوطانهم ، بكل ما يخلفه ذلك من دمار للجيوش والمقدرات وتشريد للشعوب ، وماذا يريدون اكثر من ذلك ، فما كانوا يخططون له بسلاحهم واموالهم ، بات يتحقق وباكثر مما يتمنون ، وبسلاح العرب واموال العرب ودماء وارواح العرب انفسهم .
٨ وها هم ينقلون المعارك والدمار الى ليبيا واليمن ، ويعملون على توريط جيوش عربية اخرى ، في حروب تنهك قوتها ، وقوة اقطارها ، وتكفل لهم بقاء العرب في حالة حروب داخلية مستعرة لن تنطفئ ، الا بعد ان تضمن عودة اقطارهم كافة الى حياة القرون الوسطى ضعفا وتمزقا وهوانا ، وبمايمكن معه إتخاذ ما يريدون من قرارات التقسيم والتجزئة وفعل كل ما يريدون بيسر تام .
٩ انهم باختصار ً يضحكون. ً على العرب وعلى ايران معا ، وحتى تركيا ، فهم لا يأمنون جانب العرب والمسلمين ، ولهذا هم يمارسون سياسات الدهاء والمكر لتنفيذ كل ما يريدون ، دون ان يكلفهم ذلك قطرة دم واحده ، وهم لذلك يمازحون داعش واخواتها ، ويريدون لها ان تتمدد ، ويريدون لايران ان تبالغ في طموحها الاقليمي ، وفي اللحظة المناسبة وأظنهم حددوا لها ساعة الصفر بعد ثلاث سنوات ، اي العام ٢٠١٧ ، سيكون العرب غير عرب اليوم ، وستكون ايران غير إيران اليوم ، وفي المقابل ستكون إسرائيل غير إسرائيل اليوم ، ولكن على النحو الذي تخطط وتريد .
١٠. يطول الحديث بشأن هذا المخطط الماكر الذي يطلعون رموز الحركة الصهيونية عليه ، ربما بإستثناء نتنياهو المتعجل من أمره ، والذي يطالب بضرب إيران الآن ، ولهذا يريدون تغييره ، خاصة وان اوباما قال للتو ما مفاده ، ان نتنياهو لا يصلح للمراحل القادمه .
١١. بإختصار ، لو ان ايران تدرك اللعبة جيدا هي وكثير من العرب ، لكان حال المنطقة غير ما هو عليه ، ولفشل المخطط الذي يستهدف الجميع ، العرب وإيران وحتى تركيا ، فلو كان هناك حد ادنى من التفاهم بين هذه الاطراف الثلاثه ، العرب وإيران وتركيا ، لتمكنوا من تحديد مصير المنطقة والاقليم كله ، ومصير إسرائيل كذلك ، ولو أدركت ايران وتركيا كبلدين جارين مسلمين ، ان مصالحهما طال الزمان ام قصر هي مع العرب ولا احد غير العرب ، لتغير وجه الزمان في هذا الجزء الحيوي الاستراتيجي من الكوكب ، ولكانت الغلبة لهم معا ودونما قتال، ولجاءتهم واشنطن ومن معهها تخطب ودهم ورضاهم ، ولعاشت شعوبهم الرخاء كسائر شعوب الارض وافضل ، ولما بقي هناك ارض محتلة ومقدسات مغتصبة ، ولما تجرأ احد لا على ايران ولا على العرب ولا على تركيا ، هذا ليس مستحيلا ولا يتطلب معجزه ، ومفتاحه موجود في طهران وانقره ، قبل ان يكون موجودا في عواصم العرب الذين حاولوا المستحيل ، للتقرب الى هاتين العاصمتين المسلمتين ، ولكن دون جدوى حتى الآن ، والله من وراء القصد .