بالتأكيد هو لا يمتلك طائرة خاصة و غير قادر على شراء جناح طائرة مثل غيره من الرؤساء الذين سبقوه فتاريخه موظف حكومي منذ البداية و حتى الرئاسة و هذا لا يعيبه و قد يعيب غيره من الموظفين اللذين وصل بعضهم الى ما وصل اليه واصبح بامكانهم شراء طائرة بمليون دولار صغيرة او عشرة ملايين دون ان تهتز ارصدتهم و دون ان يسألهم احد من اين لكم هذا في بلد ميزانيته لا تتعدى ملياري دينار .اغلق باب الطائرة الملكية القادمة من نيويورك في الساعة العاشرة و ثلاث و اربعين دقيقة بتوقيت نيويورك مساءا و كانت الطائرة تقل وزيرة الثقافة السابقة اسمى خضر بملابسها الرياضية و التى كانت تجلس في منتصف مقصورة الدرجة الاولى في الوسط ، و اثنان من الحرس الخاص احدهما في الكرسي الاخير و الثاني في المقعد الثالث من الامام ، و الاميرة الهاشمية ايمان التى كانت تجلس بحانب النافذة في المقعد الامامي و كان الصف الثاني من مقاعد الطائرة فارغا من الركاب و اتى هو ببدلته و ربطة عنق اخر الركاب على الطائرة التى اقلعت في موعدها بدون تأخير .
عندما قام بالسلام على ركاب مقصورة الدرجة الاولى و القاء التحية عليهم تفاجيء البعض منهم انه هو نفسه رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت الذي اختار المقعد بجانب الاميرة ايمان الحسين .
ما ان حلقت الطائرة حتى تم توزيع وجبة العشاء الساخنة و بعدها ارخى الجميع مقاعدهم و غطوا في نوم عميق فيما بقى هو مستيقظا في اغلب اوقات الرحلة و لم يقم نهائيا بارجاع مقعده ، مثلما فعل جميع الركاب رغم طول الرحلة بين نيويورك و عمان ، بل غفى للحظات و هو في كرسيه معتدلا و هذه عادة التحمل و يتحلى بها العديد من ضباط الجيش العربي.
في منتصف الرحلة زار مقصورة القيادة في الطائرة و تحدث مع الكابتن و ربما سمح له بتدخين سيجارة و حيث انه لم يأت من سلاح الجو الملكي بل اتى من سلا ح اخر لا علاقة له بالطيران فأنه شغوف يرؤية الارض من السماء من خلال غرقة القيادة التى استأذن حسب الاصول للدخول اليها .
ان الدخول الى غرفة قيادة الطائرة رغبة العديد من ركاب الطائرات و قد سمح له بذلك الحرس و الكابتن محققين رغبته.
رغم طول الرحلة و التى وصلت الى عمان بدون توقف الساعة الخامسة من مساء السبت ، فقد كان يبدو انه نشيطا و جاهز للعمل و هي من صفات العسكريين و الذين تعلموا الجلد من خلال اداء الخدمة العسكرية .
لم يدر حديث بين الوزيرة السابقة التى غرقت في النوم من اول لحظة و رئيس الوزراء اليقظ ، و لكنه كان مؤدبا للغاية و لطيفا في حديثه الى الاميرة ايمان و التى غالبها النعاس هي الاخرى ، و بقي الرئيس بجانبها يقظا و مقعده معتدلا احتراما للاسرة الهاشمية حيث ان البروتوكول و ادب الحديث الى الملوك و الامراء يقتضي دوما احترامهم و طريقة خاصة في الحديث اليهم و الجلوس بجانبهم و مشاركتهم على مآدب الطعام و هو ما درسته من فن الاتيكيت و البروتوكول اثناء دراستي في كلية فيكتوريا ، و قد اجاد الرئيس في ذلك .
بعيدا عن هاريسون فورد و فيلمه الامريكي "طائرة الرئيس" ، و بعيدا عن الاراء السياسية في بقاء الحكومة او رحيلها ، و بعيدا عن الاختلافات في الرأي من منطلق اننا نريد الاردن الافضل و الاحسن ولن نقبل اقل من التميز له ، و بعيدا عن كل المنغصات في الساحة لا بد و ان نذكر ان الرئيس الحالي معروف البخيت مؤدب للغاية ، و مجامل ، وذو مظهر بسيط و متواضع ، و هذا منذ ان عرفناه في الجيش العربي ضابطا صغيرا الى ان وصل الى اعلى الرتب . فقد كان يظل واقفا في حضرة الامير الحسن عندما عمل معه و كنت ارى العرق يتصبب من بزته العسكرية و هو صلبا و اقفا بكل احترام لساعات طويلة بالرغم من عدم وجود اي مانع لان يجلس . كان يحترم دوما الحضرة الهاشمية و المسؤولون و تشعر بدفء الحديث معه .
هبطت الطائرة مطار عمان ، و عندها فقط و لوجود الحراسة و السيارات عرف بقية ركاب الطائرة انهم كانوا برفقة رئيس وزراء الاردن بعد ان استمع الى خطاب الملك في امريكا.
و اقصد القول هنا ، ان الاخلاقيات التى يتحلى بها نموذجا نحترمه و نقدره ، و لكن هذا لن يغير من رأي الخاص حول اداء الحكومة ، بقاؤها او رحيلها ، و لكن للحق فأنه متواضع و اديب و لذا ارتايت استراحة صغيرة قبل العودة للخوض في السياسية من جديد .
aftoukan@hotmail.com