من المعروف ان عقد القمم العربية يحتاج الى جهود كبيرة في الاعداد و التحضير لها من حيث المكان و الزمان و بنود جدول الاعمال و من حيث من يلبى حضور الدعوة من الملوك و الزعماء العرب او من ينوب عنهم . و قد جرت العادة ان تواجه القمم العربية العديد من العقبات و المعضلات والعديد من التحديات , وكثيرا من الاحيان تعقد القمم بنصاب ضعيف او بمن حضر . و الامر المحزن ان هذه القمم ان لم تكن فاشلة , لا تحقق ادنى اهدافها علاوة على التوصيات السابقة و اللاحقة تبقى حبرا على ورق ... و تصدر احيانا بيانات ختامية برتوكولية .و المءلم ايضاُ ان العرب بدلاُ من ان يخرجوا بتفاهم و توافق على القضايا العربية ذات الاهتمام و المصير المشترك والمطروحة على جدول الاعمال و رسم خارطة طريق مستقبلة للعمل العربي المشترك , تظهر خلافات و تبرز قضايا شائكة لا حل لها , و نتمنى ان هذه القمة او تلك لم تعقد , لان الوضع العربي بعد هذه القمة اصبح من سيىء الى اسوأ .
في ضوء التجربة العربية المريرة في القمم العربية السابقة ,ادرك الاردن انه لا بد من عقد قمة عربية عاجلة و ان تكون في حالة انعقاد دائم , تختلف هذه القمة شكلاً و مضمونا عن القمم السابقة . و بالتالي نلاحظ ان القمة الجديدة التي اخذ زمامها الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله , و التي تشكل قمة القمم , اتخذت منحا جديدا ذو اتجاهين : الاتجاه الاول يتسم باستقبال جلالة الملك للملوك و الزعماء الاشقاء العرب في عمان : جلالة ملك البحرين , , سيادة الرئيس المصري , سمو امير دولة الكويت و سيادة الرئيس الفلسطيني ... أما الاتجاه الثاني فقد تمثل في زيارة جلالة الملك حفظه الله الى الدول العربية الشقيقة و لقاء جلالته باخوانه الملوك و الزعماء العرب : دولة الامارات , المملكة العربية السعودية , دولة قطر , دولة الكويت , جمهورية مصر العربية...اضافة الى الزيارات المتبادلة بين الوفود الاردنية و الوفود من الدول العربية الشقيقة .
و بالتالي فأن ما يحققه جلالة الملك عبدالله حفظه الله من خلال هذه اللقاءات الدائمة , هو بمثابة قمة القمم و التي هي بحالة انعقاد دائم يرأسها جلالته واستطاعت هذه القمة ان تحقق ما عجزت عن تحقيقه كافة القمم العربية السابقة من حيث التنسيق و التشاور ووضع خارطة طريق والية عمل مشترك لمجابهة التحديات الامنية و السياسية و الاقتصادية التي تواجه عالمنا العربي و خاصة ايجاد الحل السياسي للازمة السورية و دعم الاستقرار في العراق و مجابهة المنظمات والجماعات الارهابية التي تعصف اعمالها الاجرامية في المنطقة و تسيىء الى صورة الاسلام السمحة .
حقيقة استطاع جلالة الملك بحنكته و حكمته و ديناميكية و تواصله مع شعبة و اشقائه العرب و زعماء العالم ان يكون رئيس القم العربية بامتياز في هذا التحرك , و ذلك لادراك جلالته للمخاطر التي تحيق بعالمنا العربي و التي يعتبر الاردن السد المانع لهذا المخاطر و امتدادها الى الجوار العربي .فقد اصبح جلالته ليس رئيس القمة فحسب بل رسول السلام و لسان حال الامة في المنطقة والمتحدث و الممثل للزعماء و القادة العرب في المحافل الدولية و أمام المجتمع الدولي .وان وجود الاردن في مجلس الامن , ما هو الا ناطق رسمي باسم الدول العربية و صوت العدل و الحق و السلام باسم العالم الاسلامي , حيث يضع امام المجتمع الدولي معاناة عالمنا العربي و مواجهته للمنظمات و الجماعات الارهابية و الجهود المطلوبة من المجتمع الدولي للتكاتف ووضع حد الى هذه الجماعات والعمل على تحريك عملية السلام ووقف معاناة الشعب الفلسطيني .
"القمة العربية الحالية" التي يرأسها جلالة الملك و هي "في حالة انعقاد دائم" , باعتقادي انها استطاعت ان تكون الشمعة المضيئة لعالمنا العربي في ظلام عجز المجتمع الدولي في مواجهة التحديات التي تواجه عالمنا العربي و خاصة في كل من سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و فلسطين . هذه حقيقة يقر بها ليس فقط الاردنيون و الاشقاء العرب , بل المجتمع الدولي بأسره . و من هنا حان الوقت لهذه الدولة و لقيادتها الهاشمية التي ترأس هذه القمة و التي هي في حالة انعقاد دائم كما شاهدنا , ان تلقى الدعم اللازم من كافة الاشقاء العرب و المجتمع الدولي , لان في قوة و منعة الاردن قوة و منعة مباشرة للجوار العربي و المجتمع الدولي , و في ضعف الاردن هو ضعف مباشر و له انعكاسات خطيرة مباشرة على الجوار العربي و المجتمع الدولي ولان امن و استقرار المنطقة هو امن واستقرار المجتمع الدولي .