facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




أختام المخاتير


صبري الربيحات
26-02-2015 01:38 PM

عندما كنت في الصفوف الابتدائية الأولى كانت اعداد الذين يقرأون ويكتبون في الارياف محدود للغاية.. لدى والدي، الذي كان يقرأ ويكتب، امتياز اضافي يتمثل في ختم معدني يستخدمه في مهر كل الاوراق والعقود والاتفاقيات والضبوطات التي تبرم في القرية وتتحول بمجرد ملامسة الختم لها من مسودة اتفاق الى وثيقة رسمية.

فالختم أو الخاتم الذي يستخدمه والدي ونفر من كبار القرية يعبر عن سلطة المختار التي لم نكن نعرف امتداداتها مع اننا نشعر بانها مختلفة عن المداولات الاولية للاهالي.

كان لدى والدي علبة حديدية فيها حبر بنفسجي مجلل بشاش يسمح بتسرب الحبر لملامسة الجزء النافر من القطعة المعدنية التي تشكل الخاتم. لقد مر على وجود الحبر في العلبة سنوات لدرجة انه كان جافا.. ويحتاج الى اجراءات لترطيبه من اجل ان يعلق بالخاتم بعد ان يتم ضغطه بقوة ولفه يمينا وشمالا..

كنت أظن لفترة طويلة أن كل الاجراءات التي يتخذها والدي لتهيئة الختم تعاويذ ضرورية لاتمام المعاملات وان الصعوبة في الاجراءات جزء من العملية التي لا تكتمل بدونها.

البحث الذي يجري عن الخاتم عند كل مرة يحتاج له والعثور على العلبة المعدنية التي تحوي سندات تسجيل الاراضي ونسخاً من الكمبيالات التي ثبتت ديوناً له وعليه مع عملاء له في القرية وخارجها... كانت اولى الخطوات على طريق استخراج الخاتم.

كل المعاملات الصادرة عن مكتب المختار لا بد ان يجري مهرها بالخاتم المعدني الذي يمرر على الحبر الارجواني الجاف بعد ان ينفخ عليه نفخة رطبة تمكن الحبر من ان يعلق به.

الاختام التي حملها مخاتير القرية ومهروا بها المعاملات الصادرة كانت تعبر عن قبول الريفيين بسلطة المختار المجازة من المخفر في البلدة المجاورة وهي التي تحول ارادة القرويين وتفاعلاتهم الى ارقام ووثائق تحتفظ بها السرايا..

رحم الله والدي وختمه الذي كان شاهدا على كل الاحداث والوقائع والضبوطات التي تشهدها القرية ورحم اختام اصحابه المخاتير الذين زاملوه او جاءوا بعده فقد كانت اراداتهم تختزل بوقع الخاتم على ذيل الاوراق لتقول لمن يراجعها بان الوقائع حررت حسب الاصول...

كل ذلك كان قبل أن تتوسع دائرة التعليم وتتطور الاجراءات وتنتشر تكنولوجيا الهواتف النقالة والانترنت والفيسبوك والبصمة الالكترونية.. اليوم تطورت الاختام والاحبار المستخدمة فهناك حبر بالوان مختلفه وحبر سري.. الكثير من متوسطي العمر يحنون الى الايام الخالية بالرعم من صعوبتها.. لاستحالة التزوير والتأثير على ارادة الفاعلين الاصليين حتى وان حاول البعض فقلة التعليم حالت دون ان يفهم المتعاقدون فنون اللعب.. والسماح لمن هم خارج الملعب بالتاثير على اللاعبين.

لم يكن لوالدي او اي من اصدقائه رأي او تأثير على اي من الوقائع فهم يدونونها ويضعون اختامهم وحبرها الارجواني على المعاملات لتسلك ويطمئن الاطراف لقانونيتها حتى وان لم تكن منصفة لكل الاطراف.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :