خطـــــة سـداد المديونيــــة .. واقــــع أم خيـــــــال؟
23-02-2015 06:24 AM
تطالب اللجنة المالية في مجلس النواب الحكومة بوضع خطة لسداد مديونية المملكة شرطا استباقيا للموافقة على موازنة عام 2015.
المطالبة النيابية لا تبدو فقط بعيدة عن الواقع، انما بعيدة أيضا عن أساسيات الاقتصاد التي جعلت من اقتصادات ناشئة متفوقة وأخرى متقدمة مزدهرة تلجأ الى المديونية ولا تسعى في يوم من الأيام الى تسديدها.
المفهوم السائد لدى العامة أن الحكومة توسعت في انفاقها ما أدى الى تولد العجز وتفاقم المديونية، وعلى الرغم من ذلك يرفض الرأي العام اجراءات الحكومة التقشفية بحجة ضررها الفادح على الاقتصاد.
ولكن هناك قصة أخرى يمكن سردها عن المديونية، مفادها أن القطاع الخاص اتجه الى الادخار بدلا من الاستثمار وفشل بالتالي في تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل المطلوبة، ما حدى بالحكومة الى استدانة مدخراته من البنوك وانفاقها على خلق الوظائف والمشروعات الرأسمالية.
ولو عدنا واحتسبنا أرقام النمو الاقتصادي للأعوام السابقة من دون عجز حكومي ومديونية، لوصلنا الى نتيجة مفادها أن الاقتصاد كان سينهار وأن البطالة كانت ستصل الى الحد الذي يهدد الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
النتيجة أننا لا ندافع عن تفاقم المديونية بقدر ما ندافع عن بقائها سلاحا في وجه الكساد وتراجع القطاع الخاص عن الاستثمار واتساع فجوة توزيع الثروة.
والنتيجة الأخرى، أن اقتصادنا الوطني لا يحتمل القيام بسداد المديونية، لأن التقشف الذي يتطلبه ذلك له أكبر الضرر على اقتصاد يعاني من حالة لا يقين مرتفعة، ويعاني أيضا من تواضع حجم الاستثمار الداخلي والخارجي وبنية تحتية بحاجة الى تجديد.
وحتى لو توفر في الموازنة فوائض، فان الأفضل أن يتم انفاقها على مشروعات ضرورية ومجدية عوضا عن سداد الديون التي تكلف الحكومة فائدة تتفاوت بين 3 % الى 5 %، لكن بشرط أن لا تضر المديونية القائمة بالاستقرار المالي النقدي للدولة.
ربما يكون أفضل ما يمكن طلبه من الحكومة اليوم خطة للحفاظ على المديونية ضمن المستويات الآمنة التي تسمح للحكومة بتجديد قروضها القائمة من دون معاناة ومن دون تهديد الاستقرار المالي أو النقدي.
هذا المستوى الآمن يبلغ في بعض الدول 40 % من المنتج المحلي الاجمالي وفي دول أخرى 150 % من المنتج المحلي الاجمالي، وذلك استنادا الى عوامل اقتصادية ونقدية متعددة.
في الأردن، العامل الأبرز لتحديد المستوى الآمن للمديونية هو ميزان العملة الصعبة الذي لن يصل الى نقطة التوازن الا بعد حل أزمة الطاقة التي تعاني منها المملكة، وعندها ربما يصبح مستوى المديونية الحالي آمنا أو أن المستوى الآمن للمديونية يمكن أن يزيد ليلامس مستوى الـ 100 % من المنتج المحلي الاجمالي.
خطة لحل العجز في ميزان العملة الصعبة وحدها القادرة على حل مشكلات الأردن الاقتصادية من خلال تسريع النمو ورفع المستوى الآمن للمديونية.(العرب اليوم)